www.parliament.gov.sy
الثلاثاء, 6 كانون الثاني, 2015


هل يصحُّ الصحيح..؟ أم بعد حين..؟.. بقلم: د. فائز الصايغ...

كل عام وأنتم بخير.. وتستمر الأزمنة في الصدور وتُصدر عددها الجديد مع العام الجديد وبإصرار شديد على متابعة الرسالة الإعلامية وبسط الصفحات أمام الآراء والرؤى واستكمال معالجة الأوضاع السائدة في المنطقة عموماً وفي سورية على وجه الخصوص.
في باكورة مقالاتي للعام الجديد سأتجنب السياسة، وهذا لا يعني تجنب السياسيين ولا التداعيات التي تنتاب كاتباً وهو يتدفق فلا رقابة على التدفق والتداعيات إلا ما يمليه الضمير.
والضمير هنا مسألة نسبية، ونسبتها مستمدة من التراكم التربوي والأخلاقي والمجتمعي والثقافي وفي المقدمة السياسي..
في الشعبي من الأقوال السائدة في حياتنا القول: لا يصح إلا الصحيح.
ومع تطور الصراع بين الصحّ والخطأ ومفهوم المصطلحين عند قائلهما أو عند من يتناولهما يحدد رؤيته وموقفه إزاء فهم الصحّ على أنّه صحّ وفهم الخطأ على أنّه خطأ.. بمعنى أنّ الصراع بين الحق والباطل، بين الخير والشر مستمرٌ.
ومع استمرار الصراع والنتاج الذي أسفر عنه "تطورت" المقولة إلى شكل جديد مفاده "لا يصحُّ إلا الصحيح ولو بعد حين"..
وهذا يعني أنّ الباطل والشر باتا أقوى بحيث تمكن الباطل والشر من تأخير وصول الصحّ أو الخير.. أو الحقيقة مع مرور الزمن وتراكم الأحداث وأسبابها وتعاظم المشكلات وقوة من يقف وراءها.
وتطورت الصراعات أيضاً استثمر الباطل ما بات يملكه من قوة وتأثير وفعالية وبيئة حاضنة حتى تحولت المقولة القَيمية إلى شكل جديد مفاده أن لا يصحّ إلّا الصحيح ولو بعد حين وربما لا يأتي الصحيح، أو لا يأتي من دون ربما، وبين ربما بمعناها المطلق غير المحدود ما يفيد بأنّها احتمال وارد.. واحتمال غير وارد.. لا في الزمان المطلوب ولا في المكان المرتجى..!
وسيستمر الصراع بين هذين الضدّين في المجتمعات البشرية والنظم السياسية والمجتمعية والمقياس هو قدرة الخير ومبشريه وحَمَلة راياته وروّاده وحملة قيمه ومفاهيمه التصدي والثبات وتوسيع الحاضنة لحماية القيم البشرية.
وكذلك قدرة الشر والعاملين في كينونته والمنتفعين من سطوته على توسيع الحاضنة بحيث يحتدم الصراع أكثر بما يتساوق مع الأوضاع الراهنة التي يمر بها المجتمع وخاصة في الأزمات.
والسؤال الذي نطرحه أو يطرح نفسه في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العباد والبلاد ترى أين تكمن قوة الصحّ.. وأين تكمن قوة الخطأ وما هي مقاييس المسؤولية ومقياس المسؤول، وما هي قدرة المسؤولية على صناعة مسؤول.. أو قدرة المسؤول على صناعة أو صياغة المسؤولية وسط احتدام الصراع بين الخطأ والصحّ.. وقدرة هذا المسؤول على الدفع بالصحّ وتكريسه وتثبيت قواعده من خلال ممارسة المسؤولية اليومية وما هو الناتج اليومي المضاف إلى قيم الخير والعدل والمساواة والتسامح..؟
التراجعات التي نشهدها، ويشهد عليها الناس وتشهدها ذات المقولة تشير إلى أنّ المسؤول- ولا أعني أحداً بعينه- وعبر السنوات التي استهدفت مجتمعاتنا وكياننا وبلدنا الغالي، وكذلك سنوات ما قبل –الأزمة- المؤامرة وفّر بممارساته وسلوكياته بعضاً من القوة والتمدمد للخطأ بحيث بات أقوى مما كان عليه، وباتت معالجة الخلل المجتمعي الناتج بحاجة إلى تضافر الجهود وتضافر الأخلاقيات لمحاصرة الخطأ.. وللخطأ وجوه وأشكال وممارسات لا نريد الخوض فيها في مقال يُفترض أنّه يحمل بين طياته شحنة من التفاؤل..
التفاؤل هنا -أنّ مراجعة ضرورية مدروسة ووفق برنامج ومعايير علمية وتقنية بعد النهوض والانتصار ستؤدي إلى إعادة المقولة؛ لا يصحّ إلا الصحيح إلى مكانتها ومكانها للشروع في إعادة إعمار الحجر والبشر معاً- وهذه مسؤولية الجميع في مختلف مواقع العمل والحياة فهل يصح الصحيح..؟