www.parliament.gov.sy
الأحد, 17 آب, 2014


كلمة رئيس المجلس لورشة عمل بعنوان السكان والتنمية في ظل الأوضاع الراهنة ـ تشرين الثاني 2012

الجمهورية العربية السورية
مجلس الشعب


الزميلاتُ والزملاءُ الضيوفُ الكرامُ
أسعدَ اللهُ أوقاتَكم بكلِّ خيرٍ

نرحبُ بكم في هذا الملتقى الذي يُشكلُ رديفاً لمجموعة ملتقياتٍ وندواتٍ ينظمُها ويرعاها مجلسُ الشعبِ بالتعاونِ مع صندوقِ الأممِ المتحدةِ للسكانِ؛ في إطارِ استراتيجيةِ التعاونِ والتنسيقِ بين سوريةَ والأممِ المتحدةِ ومنظماتِها كافةً؛ إيماناً منا بالدورِ الإيجابيِّ الذي ينبغي على المنظمةِ الدوليةِ أن تضطلعَ به إلى جانبِ الحكوماتِ والسلطاتِ المحليةِ في معالجة القضايا الدوليةِ، بمختلفِ جوانبِها السياسيةِ والسكانيةِ والإنمائيةِ والاقتصاديةِ.
على أرضِ سوريةَ ــ أيُّها السادةُ ــ نُقشتْ أقدمُ أبجديةٍ في العالمِ، ومن أرضِها انطلقتِ الحضارةُ العربيةُ والإسلاميةُ إلى أصقاعِ الدنيا شُّعاعَ نورٍ وعلمٍ ومعرفةٍ، فساهمتْ في إغناءِ الحضارةِ الإنسانيةِ بشتى أنواعِ العلومِ.

إنَّ أبناءَ هذا التراثِ العظيمِ مطالبون اليومَ بأن يكونوا على قدرِ المسؤوليةِ في حملِ رسالةِ الحياةِ والسلامِ لمواجهةِ الحربِ الشرسةِ التي تستهدفُ تاريخَهم وحاضرَهم ومستقبلَهم. هذهِ الحربُ التي أراد َمخططوها في الإقليمِ وفي الغربِ - ممن تراودُهم أحلامٌ استعماريةٌ جديدةٌ- أن يفككوا النسيجَ المجتمعيَّ الذي ظلَّ على مدى أكثرِ من سبعةِ آلافِ عامٍ يمدُّ البشريةَ بنموذجٍ فريدٍ من العيشِ المشتركِ والتسامحِ في مواجهةِ صراعِ الحضاراتِ وإثارةِ الفتنِ التي بشرَ بها الغربُ وعمِلَ على نشرِها في مجتمعِنا.
وكليِ ثقةٌ بأنَ أبناءَ هذا الشعبِ سيكونونَ على قدرِ المسؤوليةِ في العملِ معاً لتجاوزِ المحنةِ التي تتعرضُ لها سورية، وبتعاونِهم مع الدولةِ لوقفِ هذهِ الحربِ المعلنةِ علينا جميعاً، وتجاوزِ آثارِها السلبيةِ التي تُلقي بظلالِها على أبناء سوريةَ بمختلفِ انتماءاتِهم ومكوناتِهم. هي مسيرةٌ بدأتْ وربما لا تسيرُ بالسرعةِ التي نرجوها وقد تكتنفُها عقباتٌ، وتُعيبُها أخطاءٌ في بعضِ الأحيانِ، ولكنَ العملَ جارٍ وتصحيحَ الخطأ مطلوبٌ في كلِ زمانٍ ومكانٍ.

الزميلاتُ والزملاءُ
تشيرُ تقاريرُ السكانِ والتنميةِ التي أُعدتْ بجهودٍ سوريةَ ودعمٍ من صندوقِ الأممِ المتحدةِ للسكانِ إلى أن سوريةَ كانتْ قبلَ هذهِ الأحداثِ تسيرُ بشكلٍ جيدٍ على طريقِ تحقيقِ معظمِ أهدافِ الألفيةِ الثالثةِ وأهدافِ المؤتمرِ الدوليِّ للسكانِ والتنميةِ، التي تَّم تبنيَها في مؤتمرِ القاهرةَ عامَ 1994 بمختلفِ أوجهِ العلاقةِ بينَ السكانِ والتنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والبيئيةِ، ولكنَّ الأحداثَ التي تعيشُها سوريا ألقتْ بظلالِها على مختلفِ القضايا السكانيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، وتأثرتْ معظمُ القطاعاتِ سلباً من ضررٍ في البنى التحتيةِ والمواردِ البشريةِ ومقوماتِ التنميةِ كافةً.
وبدلَ أن يلتزمَ المجتمعَ الدوليُّ بأهمِ المبادئِ التي تمَّ تبنيَها في المؤتمرِ الدوليِّ للسكانِ والتنميةِ عامَ 1994 بمساندةٍ سوريةَ لتخفيفِ أثرِ هذهِ الأحداثِ في المواطنينَ ومواصلةِ تنفيذِ مشاريعَ التنميةِ السكانيةِ، ذهبتْ بعضُ الدولِ الإقليميةِ والغربيةِ إلى استهدافِ الشعبِ السوريِّ بعقوباتٍ اقتصاديةٍ طالتْ أوجهَ حياتهِ كافةً المعيشيةَ منها والصحيةَ والتعليميةَ والخدميةَ، ولم تكتفِ بذلك بل عمِلتْ على تسليحِ العصاباتِ الإرهابيةِ وتهريبِ المرتزقةِ والتكفيريينَ إلى داخلِ الأراضي السوريةِ لقتلِ أبناءِ الشعبِ السوريِ وضربِ مكوناتِ الدولةِ ومؤسساتِها الخدميةِ.

الزميلات والزملاء
نحن اليومَ هنا وفي إطارِ معالجةِ الدولةِ السوريةِ للأزمةِ بأوجهِها كافةً، نسعى لإيجادِ الوسائلَ الكفيلةَ بتجاوزِ السوريينَ الآثارَ السلبيةَ والتبعاتِ التي لحقتْ بهم - في حياتهم الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ - وبالتالي من المهمِ جداً التركيزُ على التفاصيلِ والأرقامِ الحقيقيةِ في تقديمِ الدراساتِ والحلولِ للقضايا المطروحةِ بين أيدينا، ويتعينُ علينا أن نولّدَ الأفكارَ المفيدةَ ونحشدَ الجهودَ للتعاونِ ونؤسسَ لأفعالٍ ميدانيةٍ لمعالجةِ هذه الآثارِ، فمعيارُ النجاحِ ليس ما نقولُه فقط بل ما يضعُه كل فردٍ منا موضعَ التطبيقِ في حياته العاديةِ وفي مسؤولياته كي نكونَ قادرينَ على مواجهةِ مشكلاتِنا.

الزميلات والزملاء
نعملُ في سوريةَ بقيادةِ السيدِ الرئيسِ بشار الأسد على تكاتفِ جهودِ جميعِ المؤسساتِ الرسميةِ والأهليةِ من أجلِ تحفيزِ الإمكانياتِ الكامنةِ لدى الأفرادِ والمجتمعِ؛ لتخطي عقباتِ الأزمةِ التي تعيقُ مسارَ التنميةِ في سوريةَ من خلالِ استعادةِ الاستقرارِ فيها، والبدءِ بإعمارِ المناطقِ المتضررةِ وإعادةِ المهجّرينَ إلى منازلِهم ومناطقِهم، وهذا ما تعملُ عليه الحكومةُ بشكلٍ حثيثٍ بالتعاونِ مع الجهاتِ المعنيةِ كافةً.
وفي هذا السياقِ نعملُ في مجلس الشعب من خلالِ اللجانِ الجديدةِ التي تم تشكيلُها من أجل الوقوفِ على قضايا المواطنينَ ومتابعتِها مع السلطاتِ التنفيذيةِ لإيجادِ الحلولِ المناسبةِ لها، كما ستواصلُ لجنةُ المصالحةِ الوطنيةِ الحديثةِ العملَ في مناطقَ سوريةَ عدّة بالتعاونِ مع الهيئاتِ والمنظماتِ الأهليةِ ووزارةِ المصالحةِ الوطنيةِ لاستعادةِ التواصلِ بين أبناءِ المجتمعِ وترميمِ الآثارِ النفسيةِ والاجتماعيةِ التي طالتِ النسيجَ المجتمعيَّ في بعضِ المناطقِ من جراءِ الأزمةِ.
لا أريدُ - أيها السادة - أن أسهبَ في الحديثِ عن موضوعٍ يَشْغَلُنا جمعياً، وسأتركُ لكم الحوارَ آملاً أن تُسهموا باقتراحاتٍ تتضمنُ حلولاً عمليةً لمساعدةِ أهلِنا وشعبِنا المتضررِ من هذه الحرب التي تُشَنُ ضدَّ سوريةَ دولةً وشعباً.

متمنياً لكم النجاح والتوفيق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته