www.parliament.gov.sy
الأحد, 17 آب, 2014


كلمة رئيس المجلس الافتتاحية للدورة العادية السادسة من الدور التشريعي الأول

أيتها الزميلات أيها الزملاء
أسعد الله أوقاتكم بكل بخير

اسمحوا لي بداية أن أرحب باسمي وباسمكم بالسيد الدكتور وائل الحلقي رئيس مجلس الوزراء والسيد نائبه والسادة الوزراء، فقد تعودنا أن نلتقي دائما تحت قبة المجلس، نناقش معاً خطط الحكومة العاجلة والمستقبلية، بهدف الوصول إلى أفضل الصيغ والخطوات للتعامل مع تداعيات الأزمة التي يتعرض لها بلدنا وشعبنا منذ ما يقارب الثلاث سنوات، وسبل تعزيز صمود شعبنا العظيم في مواجهة الضغوط اليومية التي يعيشها، سواء في أمنه أو معيشته أو مسكنه.

ولابد لنا من التنويه بأداء الحكومة وعملها الدؤوب في مجال تقديم الخدمات للناس من طبابة وغذاء ودواء وتعليم وطاقة وغيرها، وإعادة تأهيل المناطق التي يتم تنظيفها من الإرهابيين والمسلحين، ونأمل أن يواصل الفريق الحكومي بأعضائه كافة أداء مهامه الوطنية والارتقاء بها، خدمة لهذا الشعب العظيم الذي يستحق منا كل تقدير واهتمام، وهنا نشدد على ضرورة متابعة أوضاع أسر الشهداء والجرحى الذين قدموا أغلى ما يملكون فداء لسورية، وحفاظاً عليها من قوى الإرهاب والاستعمار، وتقديم كل الدعم والعون لهم وتأمين احتياجاتهم بأقصى سرعة ممكنة، فالواجب الوطني والأخلاقي يقتضي منا جميعاً إيلاءهم الرعاية والمساعدة اللازمتين.

الزميلات والزملاء
السادة الوزراء

شهدنا خلال الفترة الماضية وبعد مرسوم العفو الذي أصدره مؤخراً السيد الرئيس بشار الأسد حالات عديدة من تسوية أوضاع المئات ممن غرر بهم من السوريين، وأرادوا العودة إلى حضن الوطن؛ مستفيدين من فترة العفو الرئاسي، وهذه حالة صحية وطنية تؤكد أن الدولة حضن يتسع لجميع أبنائها مهما اختلفوا في الرأي والسياسة، وأنهم يجمعون على أن الوطن أكبر من الخلافات.
ومما يدعو للتفاؤل أيضاً عمليات المصالحة الوطنية التي تتم في أكثر من منطقة، فما حصل في برزة والمعضمية وفي ريف دمشق وأرياف حمص وغيرها من المناطق السورية من خروج المسلحين وتسوية أوضاعهم وعودة الأهالي وإعادة الخدمات، يثبت من جديد أن السوريين يؤمنون بوطنهم، وبالعيش المشترك، ويدركون أن الغرب الاستعماري بأدواته الإقليمية والإرهابية، لا يمكن أن يضمر لهم الخير، وإنما يريد الاستثمار في عذاباتهم ودمائهم من أجل مصالحه الخاصة.
وإننا في هذا المجال نشد على أيادي أصحاب الجهود الطيبة التي بذلت من قبل الجميع، في السلطة التنفيذية وأعضاء مجلس الشعب والمجتمع الأهلي، لتحقيق هذه المصالحات التي تبشر بالمصالحة الأكبر التي نتوجها يوم ندحر معاً آخر الإرهابيين عن تراب بلدنا الطاهر، يوم نجتمع نحن السوريين معاً لنرسم مستقبل بلدنا التعددي الديمقراطي، الذي نعمل فيه معاً من أجل صون استقلالنا وحماية سيادتنا وكرامتنا التي لا نرتضي عنها بديل.

ومن هنا نؤكد أن مشاركة الحكومة السورية في مؤتمر جنيف الثاني لا يعني بأي حال من الأحوال تقديم تنازلات عن المبادئ الأساسية للجمهورية العربية السورية، ولا عن مصلحة الشعب العربي السوري، بل تعني أننا نذهب لندافع عن هذه المبادئ وهذه المصالح بثقة واقتدار، منفتحين على المشاركة والحوار، مستندين إلى قدرة هذا الشعب العظيم وجيشه الباسل على قهر الإرهاب ودحر الأعداء. لذلك نقول لمن يحاول ممارسة الضغوط على سورية؛ مرة بزيادة تسليح الإرهابيين وأخرى بالتهويل بعدوان من أجل تحقيق غايات وأهداف بعيدة عن إرادة السوريين، إن هذه الأوهام التي تنتابكم منذ ما يقارب الثلاث سنوات سقطت وأصبحت من الماضي، ومن يعتقد أنه قادر على استلاب السوريين إرادتهم، فليسأل التاريخ عن سلطان باشا الأطرش وصلاح الدين ويوسف العظمة وصالح العلي وإبراهيم هنانو.. وحافظ الأسد.. وسيلقى الجواب أن إرادة السوريين لا تُسلب، وعزيمتهم لا تنكسر على مر العصور، هم صنعوا التاريخ، وهم سيكتبون مستقبل سورية بأيديهم بعيداً عن أي تدخل خارجي.

الزميلات والزملاء

كثر الحديث مؤخراً عن الوضع الإنساني في سورية متزامناً مع اجتماعات جنيف، ونحن إذ ندرك جيداً أن الغرب وأدواته في المنطقة وفي الائتلاف، لا يعنيها من هذا الموضوع سوى الاستثمار السياسي، وبما في ذلك المنظمات الدولية، التي لا يرف لها جفن لحصار خانق وعمليات إبادة جماعية واستباحة الأعراض من قبل المرتزقة التكفيريين في عدرا العمالية وفي قرى ريف حمص، وآخرها مجزرة معان في ريف حماه، وعمليات الحصار على عشرات الآلاف من المدنيين في ريف حلب، فإننا في سورية - قيادة وحكومة وسلطة تشريعية - ننظر لجميع السوريين على أنهم مواطنون متساوون في الحقوق، تتكفل الدولة بتقديم المساعدات لهم وبمحاولة إخراجهم من المناطق العالقين فيها، أينما استطاعت ذلك، دون الالتفات إلى التقارير الكاذبة والمسيسة التي تصدرها جهة أجنبية هنا أو هناك. فهذه هي تقاليدنا وثقافتنا وأخلاقنا وهذا واجبنا، لذلك نتوجه بالتحية لجميع السوريين العاملين في الحقل الإنساني الإغاثي الذين يؤمنون للمهجرين السوريين مراكز الإيواء في المناطق الآمنة، ولجميع السوريين الذين يحتضنون أشقاءهم، لأن هذه اللحمة بين أبناء الوطن، وهذا الاحتضان بين الأشقاء هو طوق النجاة لبلدنا مما يحاك ضدها من قبل الأعداء.

الزميلات والزملاء

إن بشائر النصر يسطرها جيشنا الباسل ضد قوى الإرهاب والتكفير وداعميه، وفي السياسة تجاوزنا حلقات التآمر الكبرى، فلا خوف على سورية، لكن علينا أن نضاعف الجهود لتدعيم الانتصار وإعادة الاستقرار بالاعتماد على قدراتنا الذاتية، وبالمبادرة إلى الحلول ومحاربة الحالات السلبية في المؤسسات من فساد وإهمال، والتوجه لابتكار آليات عمل تتماشى مع الواقع الراهن لتلافي الظروف الصعبة التي تعيق العمل، وتحد من الإنتاج.

نأمل أن تكلل جهودنا جميعاً بالنجاح؛ خدمة لهذا الوطن وهذا الشعب العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته