www.parliament.gov.sy
الأحد, 17 كانون الأول, 2017


منال الشيخ ضيفة عربي اليوم

ماذا عن زيارة بوتين للثلاثي الإقليمي سورية ومصر وتركيا؟، للغوص بتحليل أبعاد هذه الزيارة ودلالاتها على سوريا والإقليم، وتثبيت دعائم الحل السلمي في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي عندما تُرسَم خريطة الحل السلمي لإنهاء الحرب على سوريا، وعند خروج كل القوى المتواجدة بصورة غير شرعية.
كل هذه المحاور تجيب عنها عضو مجلس الشعب السوري، الأستاذة منال الشيخ أمين في حديث خاص لوكالة “العربي اليوم” الإخبارية، إذ تشير النائب الشيخ أمين إلى أنهّ من البديهي والمرجح أنّ الهدف من الزيارة سياسي بالدرجة الأولى وهو تثبيت دعائم الحل السلمي في سورية عبر مؤتمر سوتشي للحوار السوري السوري.
موضّحة أنّ نجاح المؤتمر يترجم على أرض الواقع بفشل ذريع وانحدار شبه نهائي لمشروع الفوضى الخلاقة والشرق أوسط الجديد في المنطقة وتراجع كبير للوجود الأمريكي في الشرق الأوسط.
وتتابع النائب الشيخ أمين أنّ الهدف الثاني من الزيارة هو اقتصادي، والرئيس بوتين بعلم جيّداً أنّ الاقتصاد حامل أساسي وداعم مباشر للسياسة.
أولا: الزيارة الى مصر
ترى الشيخ أميين أن في ظاهر الأمر نلاحظ مدخلات اقتصادية مثل تنشيط السياحة بين البلدين وإقامة مفاعل نووي في الضبعة وشراء حوامات عسكرية ومدرعات، إلا أنّ هذه الزيارة لها هدفين مترابطين فيما بينهما، هدف اقتصادي وآخر سياسي، أي هناك مدخلات اقتصادية.
مخرجاتها:
تقول النائب الشيخ أمين أنّ المخرجات اقتصادية وسياسية حول الملفات الإقليمية وعلى رأسها الملف السوري، موضّحة أنّ هذه الزيارة لم تحصد النتائج المرجوّة منها على الصعيد السياسي بالشكل الأمثل، والسبب هو ارتباط السيسي بمحور الولايات المتحدة والسعودية ومن خلفهم الضغط الإسرائيلي، فهل السيسي قادر على التحرر من القيود الأمريكية والسعودية، الأيام تظهر ذلك!
وأكّدت الشيخ امين أنّهم يتمنّون على مصر العودة إلى النهج العروبي القومي، نهج عبد الناصر، نهج القرار الحر المستقل، وعودة الحكومة المصرية للبحث عن مصالح شعبها، لأن التعامل مع محور الشر المتمثل بأمريكا والسعودية وإسرائيل ومن يسير بركبهم عواقبه كارثية على الشعب المصري.
ثانيا: الزيارة إلى تركيا
ترى النائب الشيخ أمين أن كل من تركيا وروسيا بحاجة للسلام في المنطقة، وهذا يشكل نقطة تلاقٍ رئيسية، بالإضافة إلى الشق الاقتصادي والطاقة، وهو ما يصبح أساساً للتعاون السياسي بين البلدين، إذ أنّ استمرار الحرب في سورية يجلب المزيد من الخسائر لروسيا، كذلك انتشار الإرهاب والانفصال وعدم الاستقرار في تركيا، وفي المنطقة.
معتبرة أنّ التحرك المكوكي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأمس بين سوريا ومصر وتركيا، والمتابعة الشخصية للمبادرة التي طرحها وهي ما سُميت “بالحوار الوطني السوري” يدل على الاهتمام الشخصي لبوتين بإيجاد صيغة حل للأزمة السورية قبل الانتخابات الروسية.
إلى ذلك يرى مراقبون أن زيارة بوتين إلى أنقرة، مؤخرًا، تحمل في طياتها تطمينات للجانب التركي من الميليشيات الكردية المتاخمة لها على الحدود من الجانب السوري، مقابل تعاون أنقرة في اجتماعات سوتشي المزمع عقده في أوائل شهر شباط، من هنا، فإن المتوقّع أن تنعكس التفاهمات التركية الروسية، بصورة أو بأخرى، في الملف السوري، وهنا لا يمكن إغفال حقيقة تغير الأولوية التركية في الساحة السورية، منذ شهور عديدة، حيث بات المشروع الكردي في شمال سوريا، والمدعوم أميركياً، مبعث قلق كبير لأنقرة، ما يجعل النقاط الخلافية الأخرى مجرد تفاصيل، يمكن مناقشتها لاحقاً، بالإضافة إلى تحالفاتٍ في مناطق أخرى، خصوصاً في منطقة القوقاز.
ثالثا: الزيارة إلى سوريا
أوضحت الشيخ أمين أنّ بوتين وصل إلى سوريا ووطأ أرضها في أول زيارة لرئيس دولة عظمى منذ إعلان الحرب على سوريا، وأعلن النصر من أرض سوريا وبرفقة رئيسها، واستعرض على رأس وفد عسكري إنجازات القوات الروسية في سوريا، وأمر بسحبها بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الجديدة في البلاد، فالقوات الروسية كما أتت إلى سوريا عام 2015، فإنها تعود بالطريقة ذاتها بناء على تقدير القياديتين السياسية والعسكرية في كلا البلدين الحليفين.
مشيرة إلى أنّ بوتين الذي ساهمت بلاده في الجهد العسكري لمقاومة أعداء الدولة السورية، يعود اليوم من بوابة السلام في سورية وهو ما يتوافق مع دعوة الدولة السورية ورؤيتها للحوار والمصالحة التي يجب أن تتم وتجري وتختتم وتتوج في سوريا بين السوريين أنفسهم.
دلالات الزيارة
تشير النائب الشيخ امين إلى أنّه من دلالات الزيارة أنّ الرئيس الروسي الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في بلاده أراد في مرحلة ما بعد إعلان النصر للجيش الروسي في أحد أكبر وأهم مهامه الخارجية منذ عقود، أن يقول تمت أعادت الوجه المشرق لروسيا كقوة عظمى قادرة على الإيفاء بوعودها.
مضيفة أنّ الرئيس بوتين وجّه رسالة إلى الولايات المتحدة باتجاهين، الاتجاه الأول: القوات المتواجدة في سوريا بطريقة غير شرعية، والتي تعتبرها الحكومة السورية بمنزلة الاحتلال ومنها القوات الأمريكية، هذه القوات عليها أن تنسحب مع نهاية الحرب على تنظيم “داعش” الإرهابي الذي يشكل مركز عمل للتحالف الأمريكي في سوريا والعراق، لافتة إلى أنّ ذلك يحمل في طياته رسالة موجهة للقوات الخاصة الغربية الأخرى كافة، وفي مقدمها القوات البريطانية والفرنسية التي تعمل مع الأكراد في سوريا وبعض الميليشيات المسلحة في جنوبي سوريا.
أما عن الاتجاه الثاني فترى النائب الشيخ امين أن الرئيس الروسي كان واضحا بأن “الإرهابيين سيلقون ما لم يعهدوه من قبل” إن استغلوا أي فراغ قد يتركه انسحاب القوات الروسية الإضافية من سوريا، وفي هذا رسالة موجهة إلى مشغل أذرع الإرهاب في سوريا كافة وهو البيت الأبيض، فالحسم سيكون شاملا إن تم الاستمرار في سياسة فرض المطالب التعجيزية وعرقلة الحل السياسي في سوريا.
لافتة إلى أنّ المرحلة اليوم هي للسياسة في سوريا، وبهذا المعنى فإننا أمام حل يجب أن يتم الإسراع في الاتفاق عليه، وهذا الحل لا يمكن أن يستند إلى فرضية قدرة القوات الروسية على ضبط مصالح حلفائها في سورية ميدانيا، بل إن الأمر يجب أن يتم في سياق اتفاق سلام سوري سوري ترعاه الأمم المتحدة وتوافق عليه القوى الإقليمية وتضمن تنفيذه والالتزام به كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وسوريا دولة ذات سيادة، ودولة مؤسسات على الجميع التعامل معها على هذا الأساس.