www.parliament.gov.sy
الثلاثاء, 18 شباط, 2020


د. أميرة ستيفانو ضيفة عربي اليوم

بعد أن أهدى الجيش العربي السوري أهالي حلب أجمل هدية في عيد الحب وهي فتح الطريق الدولي حلب – حماة، واستكملها بتحرير بقية المناطق غربي المحافظة، لتصبح آمنة بالكامل مع قسم واسع من شمال المدينة ما أعطى مسافة أمان واسعة للمدينة من قذائف الإرهابيين الذين أمطروا حلب على مدى سنوات طويلة.

 

حول تحرير حلب وأهمية فتح طريق حلب – دمشق الدولي، والموقف التركي من هذا الأمر، تقول الدكتورة أميرة ستيفانو، عضو مجلس الشعب السوري، لـ “عربي اليوم“:

لقد أمطر الإرهابيون على مدى سنوات حلب بقذائف مختلفة الأشكال والأنواع، بدأت بقذائف الهاون ثم إسطوانات الغاز

والقازانات ثم صواريخ محلية الصنع، حتى زودتهم الدول الداعمة للإرهاب بكل الأسلحة والصواريخ الحديثة، حيث حاصروا المدينة ومنعوا عنها الماء والكهرباء والمحروقات والطعام، لكن إرهابهم لم يغير قناعتنا بضرورة الصمود كصمود قلعتها، ودافع عن حلب العسكري والطالب والعامل والموظف والأم، ورغم الدمار استمرت الحياة فيها وستستمر كالقلب النابض الذي يدفع الدم والحياة لكل سوريا. إن تحرير حلب كان غالي الثمن من دماء الشهداء العسكريين والمدنيين الغالية التي بفضلها ستتحرر بقية الأراضي السورية من رجس الإرهاب والإحتلال.

فتح الطريق الدولي ومطار حلب الدولي سيعيد الحيوية لعاصمة الاقتصاد وسيشجع المستثمرين وعودة من غادر مدينته بسبب الحرب الإرهابية ويستلزم هذا تسارع الخطى في تقديم الخدمات لكل المناطق المحررة والتي تمثل مساحات كبيرة وقرى وبلدات متعددة، وكلما تسارع التأهيل سيتسارع الدور الفعال لحلب في كل المجالات لما يتمتع به شعبها من البراعة والقدرة على الانطلاق رغم كل العثرات.

إن تحرير حلب يعتبر مؤشراً مهماً و له دلالات مهمة فرغم كل الإعاقات التي افتعلها النظام التركي متمثلاً برجب طيب أردوغان من عدم تنفيذ إتفاقية سوتشي إلا ما اجتزأه من بنود تلبي مصلحته وزرع نقاطه دون أن يفي بتعهداته لتنفيذ بقية البنود ورغم طول الزمن القيادة السورية لم تفقد صبرها وحاولت أن تعطي الإتفاق كل الفرص حرصاً منها على حقن الدماء، إلا أن استباحة مرتزقة أردوغان وإرهابيي جبهة النصرة لدماء أطفال ونساء حلب في بيوتهم ومدارسهم، وبعد مناشدات الأهالي لإنهاء معاناة المدينة وأهلها كان قرار الدولة السورية القيام بواجبها الدستوري بتحريرها وتأمين الطريق الدولي، وحقق الرئيس بشار الأسد ما وعد به عندما قال “حلب الصامدة لن يهدأ لنا بال حتى تعود آمنة مطمئنة”. وبالفعل سيسجل التاريخ 16 فبراير/ شباط 2020 عودة حلب آمنة مطمئنة.

إن عملية التحرير بعد إنطلاقها عرت أردوغان وجعلته يلعب على المكشوف من زج آلياته وعتاده الحربي وجنوده لدعم المجموعات الإرهابية بعد خشيته من هزيمتها وبدأ يطلق التصريحات الخرقاء والتهديدات الجوفاء، وهذا ما زاد إصرار الجيش السوري على المضي بعملياته وتسارع وتيرتها.

وعلى الصعيد السياسي صدر قرار البرلمان السوري في 13 فبراير/ شباط 2020 بإدانة وإقرار جريمة الإبادة الجماعية للأرمن 

على يد الدولة العثمانية، وكذلك تصريح رئيس الجمهورية بشار الأسد عند استقبال لاريجاني رئيس مجلس الشورى الايراني أن “الشعب السوري مصمم على تحرير كامل الأراضي السورية” وهي إشارة واضحة على قوة الدولة السورية وقوة جيشها.
وتزامنت العمليات الحربية مع التصريحات الروسية عن ضرورة تخليص إدلب من الإرهاب، وأن سبب تدهور الأوضاع فيها عدم التزام أردوغان بتعهداته، مما أثار حفيظة أردوغان ليتهور ويقوم بعدة مواقف مستفزة للاتحاد الروسي من عدم الإعتراف بعودة شبه جزيرة القرم إلى الإتحاد الروسي، واتهمت الصحف المقربة منه الطيران الروسي باستهداف الرتل التركي والتسبب بقتل عدد من الجنود وتدمير الآليات إلى التجييش ضد السفير الروسي بتركيا رغم العلاقات بين البلدين والمصالح الاقتصادية والعسكرية بما يتعلق بخط السيل الجنوبي وصفقة الإس-400.

بعد فشل التنظيمات الإرهابية بتحقيق أهداف الدول الداعمة للإرهاب لتدمير سوريا وتفتيتها شنت تلك الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية الحرب الاقتصادية الجائرة على الشعب السوري من الإجراءات القسرية أحادية الجانب إلى قانون سيزر الذي أقره الرئيس ترامب إضافة لسرقته للنفط السوري واستخدام المنظمات الدولية كأداة ضد الدولة السورية.

برأيي إن رجب طيب أردوغان فقد توازنه وتخطى الخطوط الحمراء دولياً بظهوره الراعي والداعم والمورد والمدرب للتنظيمات الإرهابية بشكل علني وأصبح الداعم الرسمي لجبهة النصرة، وأتوقع أنه لن يترك أي فرصة ليستعيد ما فقده متعاوناً مع النصرة بشكل متلاحم وهي هجمة اليائس ولن يجعل عمل الجيش السوري سهلاً. لقد تجاوز حدوده مع الروسي ومع الأميركي عندما سرب الأسلحة الأميركية الصنع إلى النصرة ويحاول توريط الناتو بحرب مباشرة على الأراضي السورية عسى ولعل يحقق حلمه الإخواني وكان سبق أن قال إن حلب تعد مثل نظيرتها التركية قونية إحدى رموز الحضارة الإسلامية في العالم.

لذلك فإن تحرير حلب التي كانت آخر ملاذ لمشروعه أصبحت المقبرة التي سيدفن فيها أحلامه والسيف الذي سيطعن غروره ونرجسيته وربما نهاية مستقبله السياسي كمجرم حرب.