مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

كيف نكتب.. ولمن؟.. بقلم: د. فايز الصايغ

الثلاثاء, 1 كانون الأول, 2015


شكا صاحبي المثقف والسياسي المتابع من الإطالة في المقالات التي أكتبها، ومما قاله: لولا بعض المعلومات وشيء من التشويق في الأسلوب لما أكمل القراءة مع أنني أقارن بين حجم مقالي وحجوم مقالات الآخرين، فلا أجد السرد العبثي والإطالة الممجوجة التي أجدها عند العديد من كتاب هذا الزمن.
وهذا يطرح سؤالاً مهماً ينبغي أن نعكف على دراسته جميعاً هو: ما طبيعة القارئ هذه الأيام؟ وهل أسلوب "البوستات" الصغيرة كما في صفحات الفيس بوك أجدى من المقال الذي يتناول فكرة ما بالتحليل والتعليق والاستنتاج، أم إنَّ لكل نمط قارئاً ومتابعاً وشغوفاً؟
وإذا كانت المقارنة بين "البوست" والمقال السياسي أو المقال العادي اليوم، فكيف تكون المقارنة بين المقال والدراسة أو التحقيق الصحفي مثلاً؟ ومن ثمَّ ما علاقة قارئ اليوم بالكتاب أو بالمجلدات؟
طلاب الصحافة الذين احتك بهم وهم ما بين السنة الأولى والرابعة هم ميدان استقصاء الحالة التي أتحدث عنها.. وللأسف أقول أكاد لا أجد منهم أو بينهم من يقرأ أساساً إلا ثقافة الفيس بوك، وفي أدنى مستويات الفائدة، لا بل في أسوئها، وإن لم يعترف أيٌّ منهم، وهذا يطرح أمامنا أسئلة عديدة لعل أبرزها: كيف يمكننا أن ندفع الأجيال نحو القراءة عموماً ونحو إدمان المطالعة.                                
كنا في الابتدائي عندما كان المدرس الوحيد أو الأستاذ شبه الوحيد في قريتنا النائية في أقصى الريف الجنوبي، والجنوب متخلفٌ غالبا،ً وبكل بلدان العالم جنوب، كان يلزمنا الحضور إلى المدرسة بهدف المطالعة فقط، ويزودنا من مكتبته الشخصية أو مما يتوافر في المدرسة من الكتب، وعند شحِّها كان يكلف واحداً منا يقرأ والباقي يستمع.
وإذا كانت مدارس الحداثة ألغت فكرة المطالعة المدرسية، فعلينا أن نكرسها في بيوتنا وعند أجيالنا.. تكريس المطالعة أصعب بكثير اليوم مما كانت عليه على الرغم من تقدم وسائل البحث والعلم والدراسة، والقراءة وتوافر المراجع على شاشة الهواتف الذكية المحمولة.. مع أن القراءة الورقية أكثر متعة من الشاشات العابرة للعقول والذاكرة.
ولصديقي الذي اعتبر المقال مطوّلاً.. أقول: أي مقال ينبغي أن يتضمن ثلاثة عناصر أساسية.. المقدمة للدخول في الفكرة، وجسم المقال وهو يعني النص، والخاتمة التي يود الكاتب الوصول إليها.. كما الرواية والقصة، فهي مقدمات ووصف البيئة وتحديد الشخصيات وعلاقاتها، والحبكة التي تدفع القارئ إلى المتابعة وحوادثها وإيقاع الشخوص، ومن ثم الخلاصة التي ينبغي الوصول إليها.
وأسأله كيف يمكن تكثيف كل ذلك في مقال..؟ ومع ذلك فالحق.. كل الحق معه، الاختزال أجود أنواع النصوص، وبمقدار ما نكثف أفكارنا في النص بمقدار ما ننجح في الكتابة.. وأتفق معه أن زمن المطولات ولّى ولكن زبائنه، وزمن المختصرات والبوستات هو السائد الآن.. والأدلة بين أيديكم.



عدد المشاهدات: 3606

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى