مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

العالم ينتظم..... د. نبيل طعمة

الأربعاء, 26 أيلول, 2018


اعتماداً على نظرية التحصين في الدفاع والاستمرار في الهجوم وتغليف الخوف إلى أن ينهيه الانتصار بحسب الفرضيات الأمريكية التي تشهد هذا الآن، من خلال محاولات إيقاف الخلل العالمي عبر تشكيل تحالفات سياسية واقتصادية كبرى مضادة لرؤيتها، ما يمنحنا رؤية حجم الصراع وإرادة هذا العالم الخروج من عنق الزجاجة بصمت مريب، بعد أن ساده الاضطراب العنيف لعقد من الزمن تقريباً، الذي تمَّ التحدث عن وقوعه فيه مبكراً، حيث تمَّ التخطيط له منذ لحظة انهيار برجي نيويورك في 9/11/2001، وظهور تلك الشعارات على صفحات الواشنطن بوست: لماذا يكرهوننا في عالم الجنوب وشرق آسيا؟ تسير الأحداث وتسقط بغداد في الشهر الرابع من عام 2003، وتندفع أمريكا بشخص الرئيس جورج بوش لحمل العصا الغليظة من طرف واحد.

تتوالى الأحداث، وتظهر لغة شرق أوسط جديد، الذي يعني السيطرة على ما ورثته الإمبراطورية العثمانية التي هيمنت على الإمبراطورية الإسلامية؛ أي من حدود الصين حتى حدود روسيا الاتحادية وصولاً إلى بحر العرب جنوباً والأطلسي غرباً عبر منظومة أطلق عليها الفوضى الخلاقة، ومن خلالها يتم تعميق التصوُّر حول محور الشر المتجسد بكوريا الشمالية وإيران وسورية وكوبا وفنزويلا، وتمَّ فرز الممالك والسلطنات والإمارات عن الجمهوريات، وحدثت اجتماعات برئاسة كونداليزا رايس مع وزراء خارجية تلك الممالك، إضافة إلى مصر والعراق، ومن ثمَّ تبعتها بحضور رؤساء أجهزة الاستخبارات التي تقودها منظومة الأوروأمريكي الصهيوني، التي حددت نظم التحرك، وتمت المتابعة مع دخول الرئيس أوباما إلى سدة الحكم الأمريكي وطرحه شعار التغيير، الذي فهمه كثيرٌ من الساسة على شيء سيحدث في أمريكا، وما حدث عكس ذلك، قسّم السودان، وأعطي الأمر لتنفيذ التغيير في العالم عبر اسم الربيع العربي المرتبط عملياً بمشروع الفوضى الخلاقة، تحرك المشروع في تونس ومصر وليبيا واليمن ولبنان المضطرب أصلاً والعراق المنفلت في واقعه، والتحرك باتجاه إيران عبر مباحثات الاتفاق النووي، ومشاغلة كوريا بقواها النووية، وانكفاء كوبا بإخراجها من محور الشر، وصولاً إلى سورية.

مشروعٌ خطِر دمّر ما دمّر من بنى تحتية وفوقية، حتى القائمون على إدارات هذه الدول لم يدركوا أبعاده لاتكائهم على المنظومات الفكرية التقليدية القائلة: إن استمرار الضغط وحده يحقق الاستقرار، إلا أنَّ الذي حدث كان أكبر من هذا وذاك، غزو فكري عنيف، تصارع فيما يحمله وانقسم على نفسه؛ أي صراع الديني مع اللاديني، وحدثت المفاجأة، بأن فكر القاعدة اعتبر أنه انتهى، وأن لا صراع مع دول المحيط في منظومة الشرق الأوسط باستثناء الصراع مع العدو الوحيد إسرائيل، يخرج أوباما الذي قدم انسيابية براقة في الحركة والفعل، ورسم أسس ممارسة الضغوط مع الابتسامة، ومهمته كانت في إحداث الانفلات وتعزيزه، ويدخل الرئيس ترامب، حاملاً سياسة الهيمنة، ويحدث إثارة فريدة معلناً أن أمريكا هي الأقوى وهي الأعظم، ومن يرد أن تحميه فعليه أن يدفع لها، فتح أبواب العالم دفعةً واحدةً، وهاجم الجميع اقتصادياً وسياسياً، وتحرك عسكرياً مؤججاً الصراع مع الصين وروسيا وحتى مع حلفائه الأوروبيين، يتابع في لعبة بوش الابن الذي أعلن من على بارجة في الخليج أن الله أرسله لهداية المسلمين، وأوباما أراد تغيير العالم ليغدو على الشاكلة الأمريكية.

أين يقف العالم الآن وأمريكا تفرض العقوبات على كل الدول من دون استثناء؟ من يقدر أن يقف أمام هذا الصلف؟ الكل انحصر في هذه الزجاجة بمن فيهم الأمريكي، والكل الآن يريد الخروج منها، والزجاجة هنا سورية التي يتصارع معها وعليها العالم؛ الروسي، الأوروبي، الصيني، التركي، الإيراني، وبين هذا وذاك طبعاً الأمريكي، الكلُّ منهمكٌ في عملية الخروج، والكلُّ غدا ينشد الاستقرار، لأن هذا العنف ارتبط بالنووي والصاروخي الإيراني، وبالنووي الكوري، والفنزويلي والسيطرة عليه، والمقدرات المكتشفة في مثلث مياه شرق المتوسط؛ القبرصي التركي السوري اللبناني الإسرائيلي الفلسطيني، ومصالح الشركات الكبرى، وجميعها أوروأمريكي، روسي، صيني، الكل يريد حصصه بعد أن أنهى الأمريكي السيطرة المطلقة على الخليج العربي بكل ما يملكه.

العالم ينتظم عائداً إلى نظرية السلم المسلّح، حيث يظهر متعاكساً بشكل دائم، وبدلاً من أن يتسلح بالسلم، نجده يسعى جاهداً لتعزيز قواه وإبداعه في تطوير الأسلحة الذكية وخصائص تدميره؛ أي إن أفعاله تظهر على عكس ما ينادي به، وأقصد الأمن والسلم، يدجج سلمه بالسلاح منتظراً أيَّ خطيئة، وهنا أخص هذه المادة قائلاً: إن العبقري يرى الجواب قبل حدوث السؤال، والإنسان من خصائص قدراته إحداث الفظائع وارتكاب المجازر وتطوير فنون الإجرام، لأن عقله يمتلك مساحات هائلة، يسكنها كل ذلك، ونراه في الوقت ذاته يتحدث عن السلم والأمن، وأنه بحاجة للانتظام، فكيف به لا يختل؟ وهنا نسأل عمن يوقف الخلل؟ هل تعتقدون أيها السادة أن عالم الجنوب يقدر أن يحدث خللاً في العالم أم إن عمليات الخلل تحدثها الدول الخمس الدائمة العضوية زائد مجموعة السبع المسؤولة عن قرار الاقتصاد العالمي؟ ومجموعهما يعني الأسباط أبناء يعقوب النبي «إسرائيل» التي لا تهدأ لوبياتها العالمية عن إحداث الخلل وفرط عقد الانتظام بين الفينة والأخرى.

الحياة واسعة مذهلة، ما خياراتنا فيها؟ هل لدينا رؤية واقعية تمنحنا حق الاستمرار بشرف أم إننا نسير على الهامش مستسلمين له من دون حق الاختيار؟ الحروب الاقتصادية مستمرة من أجل إحداث الهيمنة على النظام الاقتصادي العالمي ووضع القواعد والأسس المحركة له، وأيضاً الهيمنة العسكرية التي تريد أمريكا تعزيزها وإظهارها.

دققوا معي.. الروسي أجرى مناورات ضخمة لأول مرة في شرق المتوسط منطلقاً من قواعده في سورية، إن الذي جرى ليلة 17/9/2018 كان صراعاً عبر اختراق المنظومات الروسية، وهذا كله يشير إلى أنَّ البحث حول الخروج من هذه المعضلات العالمية يجري، ولكن عبر عمليات كسر عظم، فالسياسة الأمريكية العميقة تريد تأكيد حضورها، وأنها الرقم الصعب، أما رئاساتها فهي تنفيذية، على العكس تماماً من سياسات باقي الدول، المهم أنَّ الروسي تحقق له إثبات وجوده كقوة عظمى، والصيني كذلك، إلا أنَّ مجاراتهما الاقتصادية لأمريكا لم تصل إلى حدود الوقوف الندي، لأن الأمريكي مازال يسرح ويمرح اقتصادياً، من يقدر على فرض العقوبات على أمريكا؟ وكم يحتاج العالم للوصول بكامل قواه لهذه الندية؟ فدولة عظمى تفرض على دول تعتبر عظمى عقوبات، لندع هذا الشأن ونعد إلى منطقة الصراع الرئيسة ومحورها سورية.

هل علمنا الصغار وقبلنا التعلم منهم؟ فنحن عوالم الجنوب والشرق الروحية نقول: إلى متى نبقى نراوح في المكان تتناهبنا الخطوب؟ من يقرر الصواب؟ من يحدث الخطيئة في الواقع العالمي ولماذا؟ هل من أجل العودة إلى الانتظام؟ من يختار مناطق إحداثها، ومن أجل ماذا يتم الإصرار على إبقاء التخلف هنا ومتابعة التطور هناك؟ من يعمل على إشغال المجتمعات بتدمير قواها وإعادتها إلى ما تحت الصفر وتركها تعيد بناءها؟

المخططات الخفية تسير إلى أنه كان مقرراً أن تجري حرب عالمية ثالثة، الفكر السياسي العميق لعالم الشمال أرادها ألا تكون لديهم، إنما في الجنوب، وبشكل خاص منطقة الشرق الأوسط، وهي حدثت فعلاً ومستمرة إلى نهايتها، والباقي منها اقتصادي وسياسي واجتماعي، هل بعدها ينتظم العالم؟ أقول: إلى حين



عدد المشاهدات: 3726

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى