مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

ينبغي ويجوز.. د.. نبيل طعمة

الأربعاء, 4 آذار, 2020


نتوقف معها، ونضيف عليها «يجب»، حيث ترسم المفردات معالم العديد من القضايا الجوهرية التي تنعكس مباشرة على الوطن والمواطن لحظة أن نبدأ بها بنود تشريع لقانون أو خطاب، أو أن نأمر أحداً ما بقوة أو بود أو بتواضع، وبينهما الرابطة التي تديرهما، وبشكل خاص السلطة التشريعية والتنفيذية، فهل نستطيع أن نناقش مخرجاتهما بشفافية وموضوعية؟ وكيف نقيم المنجزات بعد ربط أفكارنا بضمائرنا وتبنيد الأسئلة الواجب طرحها في زمننا المعيش؟ إضافة إلى ما يحيط به من أماكننا الحاضنة لنا بعد وضع المنجزات أمام المؤشرات العلمية، من أجل الوصول إلى الإنصاف الذي تؤسس لحضوره القواعد الحاكمة بعيداً من التشكيل الانطباعي المسكون بين العاطفي والشخصاني.
من السهل أن يسود الجدل المجوف المتعلق بالتنظير السفسطائي والتفلسف البعيد من قيمة الفلسفة التي تدرك أن الكلام سهل، والأفعال المنتجة والجيدة مركبة وصعبة، والانتقاد الفاقد للموضوعية غدا مباحاً، والوطن بما يحمله من مكونات أهمها الإنسان يحتاج إلى من يمنحه القوة والأمل والرجاء، ويرفض التلاعب بكلمات الحق التي يحتاجها، من خلال ما يتملكه من خوف علاجه، فيكون ذلك باستحضار أدوات الاستدراك التي تمنح الوسيط قيمة وقوة، وترخي عليه علوّ النفس وحسن الإدارة، فالانفعال يفتك بالنتائج، والهدوء يبحث عن المكونات ساعياً لتنظيمها ومن إصلاح تفاصليها الآيلة للخراب أو المنتهكة بفعل الفردية وأناها الطبيعية أو الاصطناعية، التي توصل إلى اعتداء البشري على البشري بأشكال متعددة.
لماذا أتحدث هكذا؟ لأن المزاج الاجتماعي يميل إلى العزلة والانكفاء عن حركة التقدم، والأسباب عدم التوقف عن الإنتاج والهلع من الاتهام بالتحريض على التكفير والتخوين والاستباحة والتعنيف، والإرباك الهائل واقع في فكر المواطن، وفكر الإدارة والانتقادات متبادلة، فهل يكون كل هذا كلاماً بكلام؟ والواقع يتحدث عن ذاته بأنه غير جيد حتى اللحظة، والمطلوب تحديد نوع الانتظام، إضافة إلى قوانين عاقلة ومنصفة لطرفي المعادلة، وتوافر صدق النيات مع استقامة في المسير، ولولا الإخلاص للمبادئ فما أنجزته الأزمة من خراب مادي وفكري يستدعي تصويب كل شيء، فالوطن والمواطن بأمس الحاجة إلى الدولة وإنصافها لهما، فالدولة تطرح الارتقاء إلى الحاصل، ويجوز الفصل بين السلطات الثلاث، ويجب تحرير الفكر الديني من عقدة التقليدية ووقوفه على الأطلال، والمواطن يسأل: كيف وعمن أوصل الوطن إلى كومة من الأزمات وسبل علاجها؟ وهل يقدر على الإسهام في حلّها؟ وهو يريد أي المواطن أن يتدخل في السياسة التي لها أهلها، ولكن أين خبراء الاقتصاد؟ ومن المسؤول عن استيقاظ الدولة بعد ذاك التغييب الطويل؟ وفجأة تلهث خلف كل شيء، ويعود ليسأل: ما الفرق بين التسرع والتسريع الذي يجب أن يمتلك التخطيط الواقعي والإستراتيجي؟ وهل من أمة خلت من وجود نذير وبشير؟ فالصمت يسيء إلى البناء، والتنمّر تأخير وتخلف وتدمير.
المكر السيئ يحيق بأهله، والأوضاع بشكل عام ليست جيدةً، والوطن بحاجة لاستعادة جماله الذي يصنعه أبناؤه، فأين الذين يسهمون حقاً في صناعة الأمل المنطقي الواقعي لا الخيالي؟ أين الوطن اليوم من الأمس؟ وكيف سيكون في الغد بعيداً من لغة الأرقام التي تدلي بها الألسن، والتي لا تغني ولا تسمن، والخطب التي لم يعد يتوقف عندها أحد؟
هل الطبيعة العربية اختصت بتدمير بعضها؟ وهل ثقافتها الإسلامية قامت على اغتنام بعضها خفية وعلانية؟ من المسؤول عن بعث الروح الوطنية في الأجيال الخارجة من رحم الأزمات التي خاضت ومازالت تجارب مريرة وقاسية؟ أما آن الأوان لوضع حدود للتدهور الفكري والاجتماعي والاقتصادي؟ ومن المسؤول عن إعادة إنتاجه اليوم وفي الغد؟
الوطنيون من المفكرين والعلميين والشرفاء يعرفون ما لهم وما عليهم، يجب أن يظهر ويتجلى هذا في الظروف الاستثنائية، والكرامة الوطنية ترفض بشدة استباحة أرضنا ومياهنا وأجوائنا، وعلى عاتقهم يقع عدم تقبل أن نكون ضحايا الفكر المنغلق والإرهاب والعنف، وهنا نستخدم وجوب يجب تفعيل هذا في ذهن الأجيال، ومقاومة ذلك بكل القوى، وحقيقة لا يصح أن نطلق على ما وقع علينا وتغلغل بيننا فكراً، بل غزو أو همجية حملت أقسى أوجه البشاعة.
إذا في الظروف الاستثنائية تظهر عوامل الفساد وسوء الإدارة وانعدام الكفاءة والاضطراب في الأولويات، ومع ظهور بوادر الانفراجات يجب وينبغي ويجوز الاتجاه إلى البحث في معالجة كل الحاصل، وهي هنا تشكل الحالات الاستباقية التي توقف كل ذلك أولاً، ومن ثم يتم الاتجاه إلى إنهائها بالحكمة الموضوعية والعلاج العلمي الذي يشخص المشكلات، ويطرح الحلول، ويعمل على تنفيذها.
أكد السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد إنهاء استعمال كلمة يجوز، لأنها كلمة تسمح للفساد بالاستمرار، ودعا إلى مرحلة جديدة تشهد نقطة تحول، تعلو فيها سياسة الدولة على السلطات الثلاث، لأنها تمتلك رؤى ملزمة للجميع، لكونها ترى الخلل، وتوجه لإصلاحه، بكونها حامل السلطة الوطنية التي ترسم انطلاقات واضحة موضوعية المعالم، يشهد عليها تاريخ الحاضر بأنه لن يكون كما قبله، يجمع عليه الجميع من مواطنين واقتصاديين ومديرين وساسة، حيث يؤسسون إلى مرحلة جديدة عنوانها وحدة وطنية تحقق تقدماً محسوساً وملموساً في كل المجالات، والتي يعتبر أهمها الإنسان وبناؤه الفكري، هذه التي تعزز الصيغة الملحمية، وتلغي المشاهد الضبابية التي حولت المجتمع بسواده إلى باطنية سياسية، أي يظهر ما لا يبطن، وبها تتخلص من عمليات تخدير الواقع والمكابرة على الثبات في المكان عبر منطق يجوز من أجل الاستمرار القابلة دائماً للتأويل، فوطننا يمتلك شعباً عظيماً، وهو مصدر قوته ومنعته وخلقه من جديد وتخلقه، لأنه يمتلك القدرة والقوة على تحويل الأحلام إلى حقائق واقعية، وهنا أستخدم يجب بما تملك من قدرات لتحوله إلى قوة اقتصادية وعسكرية، من خلال ما يتمتع به من قوة سياسية ضامنة ومؤيدة وداعمة لتحقيق النجاح الذي نطالب به، وتسريع الخطوات التي مازالت خجولة، وتشي بالاضطراب بين الحركة والسكون، فالمواطنون والوطن في صف واحد، لأن الأزمات العالمية التي دفعت بالإرهاب والعدوان للنيل من صمودهم ورفعتهم وأرادت تفريغهم من عقائدهم والمقاومة والاستبسال في الذود عن الحمى فشلت في الوصول إلى المنشود، فازداد الضغط عبر استمرار دعم الإرهاب والاعتداء المباشر وغير المباشر، حصار اقتصادي وسياسي واجتماعي، فكيف تكون الردود من أجل الاستمرار بالتحفيز بشحذ الأفكار والهمم بالمنطق الإعلامي الجامع بالتطوير الثقافي اللامع، ومع أهمية «يجب» الملزمة و«ينبغي» المحببة و«يجوز» المميعة والفاتحة لباب الاجتهاد السالب والموجب هذه التي ينطبق عليها الوجهان يكون التنبه منها والانتباه لما جرى وكان وكيف، يجب وينبغي يرسمان سبل المسير ضمن الواقع المركب كي نصنع غداً مشرقاً.
في الواقع عند كل مواطن مجموعة خاصة من الهواجس والإحباطات والقلق، وجميعها ناتجة عن مجموعة الضغوط الاقتصادية والتشريعية مع شعوره بالذنب تجاه تقصيره، أيضاً تجاه وطنه، وتضارب المعلومات والإشاعة وعدم فهمه لما له وما عليه يأخذ به للتشكيك في كل ما يحصل مما يقلقه من يجب ويعزز شكه، وشكه في «ينبغي» وتعلقه بـ«يجوز» التي تمنحه فرص التقدم والهروب، ولنعترف أن هناك توهاناً بين المعلومات الصحيحة المسؤولة والاضطرابات في تقديمها.
هل نتقدم أكثر في لغتنا الشارحة الواضحة التي تحول المواطن إلى وطني علمي حقيقي يؤمن بفاعلية الدولة التي تتناول جميع مجالات الحياة، والتي تجري على جغرافية الوطن ضمن تطورات عصرية، تعتمد الأسس والمعايير التي تحدث التجانس والتكامل بين جميع مكوناتها بعيداً عما يجذبه بالنخوة والحمية والعواطف، وهذه تنطبق على كثير من مجريات حياتنا.



عدد المشاهدات: 8189

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى