مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

البروباغاندا..د. نبيل طعمة

الأربعاء, 17 شباط, 2021


الوطن
تخترق الأخلاقيات الإعلامية لتثير تساؤلات عديدة عن كيفية تعاملاتها مع القضايا الوطنية والكيفية التي تظهر بها في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ وجودنا أمام التحديات الجمة التي تعززها الأحداث المتسارعة التي تدفع بالجميع وعلى اختلاف مذاهبهم ومشاربهم إلى التفاعل والتعامل معها.
المتابع يرى أن الكل في عالمنا العربي غدا بمعرفة أو من دونها منغمساً في خطيئة الادعاء بالمعرفة بما يجري على ساحتنا، والكل يريد أن يستبق كل شيء، من دون أن يملك دقة أي شيء، لنجدها تتحرك بقوة بفضل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي غدت تمكن كل من لديه جهاز حاسب أو هاتف محمول أو حتى إمكانية الظهور على الشاشات أو الإذاعات من نشر أي شيء يريده أو التحدث والتحليل من دون مستند، أو من خلال ما وصل إليه، وهذا لا يعني أن جميع النيات سيئة أو خبيثة، على الرغم من أن الأهداف التي حملتها هذه التقنيات لحظة ظهورها آفاق مبشرة وواعدة لجهة تطوير العلاقات البشرية بكل أنواعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية واختزال الوقت بحكم دخولنا عصر السرعة.
فالبعيد صار قريباً، والغريب أمسى معرفاً وصنف في مرتبة العداوة أو الصداقة، بروباغاندا وتعني السفسطة أو الأخبار الكاذبة، التي بدأ سواد الناس يتناقلونها، وغايتها مفاجأة المتابعين وإثارة نوازعهم وإرباكهم وإيقاع الفتن فيما بينهم، ومن ثم يشارك الناس بعضهم هذه الأخبار وينشرونها بحسن أو بسوء نية، من دون قيامهم بتدقيقها أو البحث في دقة تفاصيلها، لتتحول هذه الوسائل بشكل عام إلى مصنع للأوهام من باب أنها تعمل في فضاء سيبراني ليس له أي طبيعة مادية، وإذا كانت الغايات الإيجابية من الوصول إلى هذه التعاملات التي تهدف في نشأتها إلى تعزيز التفاهم وإنتاج أفكار من خلال تبادلها وإنعاش الحوار بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات الأخرى، إلا أننا وجدنا أن الوقائع راحت تكذب كل التوقعات، لأنها غدت تعمل على شاكلة الاتجاه المعاكس، وبدلاً من أن تخلق عوامل ورؤى إيجابية، أخذت تبيع الوهم عبر خطف الأذهان أولاً، وعصف السيئ فيها، والأمثلة أكثر من مشاهدة، وفيها مخرجات ما صوّر عبر هذه الوسائل من الذي أطلق عليه الربيع العربي والربيع الفنزويلي وحتى الربيع الأمريكي، ووهم الناس عبر حادثة اقتحام الكابيتول والتشهير بالقضايا الوطنية والضخ الهائل تجاه زعزعة الدول المستقرة وضرب اقتصاداتها وتحريك السذج والبسطاء والوظيفيين ورمي الفتن بين المتدينين، وإضعاف المشاعر الوطنية عبر استخدام ما يسمى التواصل الاجتماعي.
هل هناك من يؤيد التشهير؟ للأسف حتى الإعلام بعد انقسامه إلى مع أو ضد، وإلى مؤيد أو معارض، أو الذين وصلوا إليه من دون المعرفة بعلومه وأدبياته وجدنا أنهم يمارسون هذه العملية، وإن كان هناك بيانات، فهذا ليس مبرراً كافياً للقيام بعملية نتائجها تسيء في النهاية لمجمل البناء الوطني والإنساني الاجتماعي.
أغلبية الناس لا يشاركون البحث عن الحقيقة، لأنها تحتاج للعناء والتدقيق، لذلك نراهم يندفعون وراء البروباغاندا رغم ما تحمله من أخبار كاذبة، هذا المصطلح الذي يتوافق عليه سواد الناس، إلا أنهم يعملون به، ويستمرون، والسبب أن وسائل التواصل الاجتماعي تمكن أي شخص طرح ما يتخيله أو يريده أو يحلم به.
مما تقدم نجد أن دور الإعلام الوطني أكثر من مهم مع القوانين النافذة التي تخص الاستخدام السيئ للوسائط الإلكترونية في تصحيح الأدوار التي يجب على الناس أن تلعبها رغم الصعوبات، إلا أنها تعتبر مهام أخلاقية.
لم يعد الإبحار في بحور الإعلام أمراً يسيراً ولا فظيعاً، والسبب أكثر من واضح، قص ولصق ونقل من دون تدقيق أو وعي واعتراض ونقد وتشهير.
أين المسؤولية السياسية قبل الاجتماعية التي تؤسس للمسؤوليات الوطنية؟ من يدفع الثمن من كل هذا الحاصل على صفحات التواصل الاجتماعي؟ تجاوزات لفظية وانفلاتات تتحرك في برك مالحة، نطلق عليها بروباغاندا، طبعاً الوطن والإنسان الطبيعي.
د. نبيل طعمة

 



عدد المشاهدات: 5785

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى