مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية   كلمات وخطابات الرئيس

كلمة رئيس المجلس لورشة عمل بعنوان التعاون بين مجلسِ الشعب وصندوقِ الأمم المتحدة للسكان - تشرين الثاني 2013

الأحد, 17 آب, 2014


 

الزميلاتُ والزملاءُ
الضيوفُ الكرامُ

 

نلتقي اليومَ لتقييمِ العملِ والتعاونِ بين مجلسِ الشعبِ وصندوقِ الأممِ المتحدةِ للسكانِ، وبحثِ سُبلِ تطويرِه في ظلِّ الظروفِ الراهنةِ التي يتعرضُ لها بلدُنا.

فنحن ندركُ أنَّ الكثيرَ من برامجِ التعاونِ بين الجانبين إمّا عُلّقت وإمّا تحوّلَت إلى قضايا استثنائيةٍ ناشئةٍ فَرضَتها التحدياتُ التي تُواجهُ المواطنَ السوريَّ بفئاتهِ كافةً؛ من أطفالٍ ونساءٍ وشبابٍ وكبارِ سنٍ وذوي احتياجاتٍ خاصة.

 

لقدْ كانَت سوريا وما زالت من أوائلِ الدولِ التي فتحَت أبوابَها للتعاونِ مع الأممِ المتحدةِ بمنظماتِها كافةً، إيماناً منها بالدورِ الإيجابيِّ الذي ينبغي أنْ تضطلعَ به المنظمةُ الدوليةُ في إرساءِ قواعدِ التعاونِ الحقيقيِّ بين الدولِ، ولا سيما في القضايا التي تهمُّ البشريةَ بشكلٍ عام وتتأثّرُ فيها المجتمعاتُ بطريقةٍ تفرضُ على الجميعِ بذلَ الجهودِ المشتركةِ لمواجهتِها وإيجادِ الحلولِ الناجعةِ لها.
 
وقد شَهِدَ التعاونُ بين المجلسِ والصندوقِ مراحلَ طيبةً كانت فيها الأوضاعُ السكانيةُ في سوريا تسيرُ بوتيرةٍ عاليةٍ نحو الأفضلِ. وعلى الرغمِ من نسبةِ النموِّ السكانيِّ المرتفعةِ التي طَبعتِ العقودَ الأخيرةَ في البلادِ فقد تَحققَّ للمواطنِ السوريِّ بفئاتِه كافةً؛ وخصوصاً الفئاتِ الأكثرِ عُرضةً والأكثرِ احتياجاً لخدماتٍ جيدةٍ، وكانت مستوياتُ الخَدماتِ الطبيةِ والتعليميةِ للمواطنِ السوريِّ من أفضلِ الخدماتِ وأقلَّها كلفةً على مستوى المنطقةِ، وجرى إنشاءُ صناديقِ المعونةِ الاجتماعيةِ والدعمُ الحكوميُّ للاحتياجاتِ الأساسيةِ للسكانِ والتعويضُ عن الأضرارِ، وتمَّ التركيزُ على قضايا الشبابِ ومُشاركتِهم الفاعلةِ في الحياةِ السياسيةِ والاقتصاديةِ بجوانبِها كافةً.

 

أمّا اليومَ وبعدَ مرورِ أكثرِ من عامين ونصفٍ على الحربِ الكونيةِ التي تشنُّها قوى الاستعمارِ الغربيِّ المتحالفةُ مع قوى الإرهابِ العالميِّ على سوريا فقد تعرّضت هذه المكتسباتُ والخَدماتُ للتخريبِ المُمنهَجِ والتدميرِ المُباشرِ والمَقصودِ من قبلِ الجماعاتِ الإرهابيّةِ، وتَرافقَت بعقوباتٍ اقتصاديةٍ جائرةٍ على القطاعاتِ الخَدميةِ من الدولِ الراعيةِ للجماعاتِ الإرهابيةِ المسلحةِ، وهو ما أَلقَى بظلالِه السلبيةِ على المعيشةِ اليوميةِ للمواطنِ السوريِّ وحَرمَهُ من أبسطِ حقوقِه في الحياةِ.

 

غيرَ أنَّنا نستطيعُ القولَ إنَّ الضررَ الماديَّ هذا يمكنُ ترميمُه بسرعةٍ خلالَ الأزمةِ وبعدَها، أمَّا عندما يتعلّقُ الأمرُ بالضررِ الذي أصابَ الإنسانَ السوريَّ في بنيتهِ النفسيةِ والثقافيةِ والفكريةِ والاجتماعيةِ فهذا أمرٌ يُعدُّ من أَخطرِ تداعياتِ هذه الأزمةِ، ويتطلّبُ تحرُّكاً عاجلاً من جميعِ الجهاتِ المعنيةِ؛ سواءٌ على المستوى الرسميِّ أم على المستويين الأهليِّ والدوليِّ لإيجادِ السُبلِ والوسائلِ الكفيلةِ بالحدِّ من هذه الآثارِ السلبيةِ في المواطنِ بشكلٍ عام وفي المرأةِ والأطفالِ بشكلٍ خاص.
 
الزميلاتُ والزملاءُ
الضيوفُ الكرامُ

 

لقد تعرّضَ المُواطنُ السوريُّ لكارثةٍ إنسانيةٍ حقيقةٍ.

فكمْ من أُسرةٍ فَقدَت مُعيلَها!
وكمْ من أمٍّ جُرِحَت في أحبّتها!
وكمْ من طفلٍ وطفلةٍ فقدوا أهلَهم!
وكمْ من مواطنٍ فقَدَ قدرتَه على العملِ بسبب إصابتِه! 
وكم من أسرةٍ هُجرّت من منزِلها لداخلِ حدودِ الوطنِ وخارجهِ!
وسطَ كلامٍ كثيرٍ عن مساعداتٍ إنسانيةٍ من المجتمع الدوليِّ وفعلٍ قليلٍ... وسطَ تمويلٍ كبيرٍ من قبلِ الدولِ النفطيةِ لشراءِ آلافِ أطنانِ السلاحِ الفتّاكِ للمجموعاتِ المسلّحةِ لقتلِ المزيدِ من السوريينَ، مقابلَ نُدرةٍ في تمويلِ الاحتياجاتِ الإنسانيةِ للمهجرينَ والأطفالِ داخلَ سوريا وفي المخيماتِ. 
وليس هذا فحسب، بل كمْ من فتاةٍ قاصرٍ بِيعَت نتيجةَ فتاوى ما يُسمّى "جهادِ النكاحِ"!
وكمْ من طفلٍ زُجَّ في أتونِ الصراعِ المسلّحِ دونَ أنْ يدري ماذا يفعل!
وكمْ من بريءٍ ذُبحَ بشريعةِ فتاوى التكفيرِ القادمةِ من خارجِ الحدودِ!

 

إنَّ القيمَ الإنسانيةَ والقوانينَ الدوليةَ مهددةٌ بالخطرِ في ظلِّ انتشارِ ظاهرةِ الإرهابِ العالميِّ والفكرِ التكفيريِّ المتطرّفِ... وبالتالي لقد باتَ لزاماً علينا جميعاً ــ نحنُ البرلماناتِ والأممَ المتحدةَ بمنظماتها كافةً ــ أن نتصدى لهذا الفكرِ القاتلِ الذي يريدُ العودةَ بالأجيالِ إلى عصورِ الجهلِ والتخلفِ وقوانين عبوديةِ النساءِ، ما يُهدّدُ كلَّ القيمِ الإنسانيةِ التي توافقت عليها الأممُ مرجعاً في تحقيقِ تنميةِ ورفاهِ الشعوبِ، وتحقيقِ المساواةِ بين الرجلِ والمرأةِ، وتأمينِ حقوق الطفلِ في حياةٍ آمنةٍ. وكلُّ مَن يُقصّرُ في تحمّلِ مسؤوليةِ الوقوفِ بوجهِ هذا الفكرِ الإرهابيِّ وداعميه من دولٍ وكياناتٍ، على المستويين الإقليميِّ والدوليِّ فإنَّه يُشاركُ فعلياً في تغذيةِ هذا الإرهابِ العابرِ للحدودِ.

 

من جهة ثانيةٍ، علينا ــ بصفتنا سلطةً تشريعيةً ومنظماتٍ أهليةً ودوليةً ـــ أن ننخرطَ جميعاً اليومَ في إطارِ خطةِ الاستجابةِ للمساعداتِ الإنسانيةِ التي وقّعتها الجمهوريةُ العربيةُ السوريةُ مع الأممِ المتحدةِ لتلبيةِ الاحتياجاتِ الإنسانيةِ للمتضررينَ من الأزمةِ أينما وُجدوا؛ بغضِّ النظرِ عن مناطقِ وجودِهم ومواقفِهم السياسيةِ، وبما يتوافقُ مع السيادةِ الوطنيةِ والقوانينِ الدولية على أنْ تلتزِمَ تلك المنظماتُ سياسيةَ الحيادِ.
وهذا يتطلّبُ منا التركيزَ على جهودِ الإغاثة والمساعداتِ الإنسانية للمهجرين والمتضررينَ، وتوحيدِ جهودِ المصالحةِ الوطنية بين مختلفِ أبناءِ سوريا، إلى جانبِ ما تبذلُه الحكومةُ من جهودٍ استثنائيةٍ لتأمينِ احتياجاتِ المهجّرين داخلَ البلادِ، والعملِ على إعادتهم إلى أماكنِ سكنِهم.

 

 

نأملُ أن تتوصّلُوا في نقاشاتِكم اليومَ إلى بلورةِ أفكارِ عمليةٍ تساعدُ في تعزيزِ جهودِ الإغاثةِ وتقديمِ المساعداتِ الإنسانيةِ للمتضررين والفئاتِ الأكثرِ احتياجاً، وترميمِ الأضرارِ النفسيةِ والفكريةِ والاجتماعية التي أصابت المواطنَ السوريَّ ومساعدتِه على استعادةِ فكرِه النيّرِ المتسامحِ وتغذِيةِ حالةِ الاندماجِ والتواصلِ بين مختلفِ مكوناتِ الشعبِ السوريِّ لتعودَ سوريا مركزَ إشعاعٍ فكريٍّ وحضاريٍّ كما عهدناها على مرِّ العصورِ.
أتمنى أن تتكلّلَ جهودُكم بالنجاحِ والتوفيقِ لما فيه خيرُ الإنسانِ في سوريا وفي كلِّ مكان.

 

والســلام عليكــم 

 



عدد المشاهدات: 1474

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى