“وطني برس”: خاص
يأتي القرار التركي بتصنيف هيئة تحرير الشام (النصرة) كمنظمة ارهابية ليتطابق مع قرار الأمم المتحدة بإضافة الهيئة إلى قائمة الأفراد والمنظمات التي تعتبر على صلة بتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، ويأتي القرار ليكون بمثابة موافقة تركية على فك ارتباطها به بعد أن طلبت مهلة لتتمكن من إقناع جبهة النصرة من حل نفسها في محاولة يائسة لمنع الهجوم العسكري السوري الروسي على إدلب ليصبح التصنيف التركي كإعلان صافرة البدء بسحق التنظيمات الإرهابية لتعود إدلب إلى السيادة السورية بالتزامن مع التصريحات الروسية بحق سورية في طرد الإرهابيين من إدلب ومع تصريحات وزير الخارجية السورية وليد المعلم أن سورية لا تتطلع إلى مواجهة مع تركيا لكن على تركيا ان تعرف أن إدلب سورية وقرار الرئيس بشار الأسد تحرير إدلب من الإرهابيين، مرورا على تصريحات ديمستورا أنه يجب هزيمة الإرهابيين في آخر معقل رئيسي لهم في إدلب.
عن آخر التطورات السياسية في سورية، والمواقف الإقليمية والدولية، سأل“وطني برس”، الدكتورة أميرة ستيفانو، عضو مجلس الشعب السوري.
القرار التركي
قد يشجع القرار التركي بقية فصائل المعارضة الدخول بالاستسلام للدولة السورية، رغم العقيدة الجهادية المتزمتة لأتباع جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة والذين تمرسوا في ساحات القتال في العراق وأفغانستان وغيرها، إلا أن دخول العناصر الأقل خبرة وتزمتا من العرب والأجانب إلى جبهة النصرة أربك هذا الخليط البشري الغير متجانس أداء الجبهة، وربما بعد القرار التركي سنشهد تباين في مواقف المسلحين بين تسليم أنفسهم و بين الدفاع حتى الموت بالتوافق مع الخلاف الإقليمي الدولي حول مصير المقاتلين الأجانب والذين ترفض دولهم عودتهم إليها و تطالب بتصفيتهم في إدلب.
من جهة أخرى فإن قرار أردوغان التخلي عن جبهة النصرة سيجعل المعارك محدودة وسيحول دون تدفق اللاجئين الواسع نحو تركيا في حال فتحت أنقرة حدودها، والكارثة الأكبر ستحصل إن أغلقت تركيا حدودها.
و بالطبع أثبتت الأيام عدم التزام أردوغان بوعوده ونحن لا نثق بنواياه إلا أنه مضطر حاليا للتنسيق مع الجانب الروسي في وقت يعيش فيه وضعا محرجا أمام حزبه ومؤيديه إبان الحرب الاقتصادية الأميركية وانهيار العملة التركية والعلاقات المتوترة مع أميركا والاتحاد الأوروبي ولذلك لا بد أن يقوم ببعض البراغماتية السياسية حسب مصلحة تركيا ومصلحته الشخصية ولو كلفه الأمر التخلي عن التنظيمات الإرهابية التي كان يمولها ويدعمها كما فعل عند تحرير حلب و بالتالي ما يصرح به للداخل التركي هو بمثابة دعم معنوي لمؤيديه خوفا من فقد المزيد من شعبيته.
قرار سوري حاسم
إنّ القرار السوري بحشد الجيوش وتحرير إدلب لا يمكن لأردغان أن يدخل بمواجهة مع الجيش السوري المدافع عن أرضه ضد الإرهاب وضد أي قوات دخيلة دون موافقة الدولة السورية ومن جهة ثانية لا يمكن لأردوغان أن يفك ارتباطه السياسي والاقتصادي مع بوتين في ظل تدهور علاقاته مع الغرب وتوقيع اتفاقيات تجارية ترفع التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار سنويا ومد خط أنابيب الغاز الروسي وشراء صفقة صواريخ إس 400 ولا ننسى وقوفه إلى جانب إيران في مواجهة العقوبات الاقتصادية الأميركية ومن المتوقع أن يحدد اجتماع قمة طهران في سبتمبر/ أيلول الجاري خارطة الطريق لسورية والمنطقة.
ذرائع مفبركة
صرحت زاخاروفا أن الغرب غير راض عن السياسة المحددة بموجب قرار مجلس الأمن 2254 لتسوية الأوضاع في سورية لذلك فهو يحاول تغيير اتجاه الأحداث ليكون أكثر اتساقا مع خطط واشنطن وحلفاءها.
وكالعادة السياسة الأميركية تفترض حدثا وتصيغ التهديدات وتصعد التصريحات وتجيش الإعلام لينسى العالم بداية القصة الافتراضية، وهنا تكرر مسلسل استخدام السلاح الكيماوي وترسل سلاحها العتيد متأهبة لضرب سورية بحجة استخدام الكيماوي ويلحقها أذنابها من الحلفاء (الفرنسي و البريطاني) بنفس الفكر الممجوج؛ ذرائع قديمة عن طريق أدواتها المكشوفة مما يسمى الخوذ البيضاء وما إرسال التهديدات إلى سورية عبر موسكو إلا للتلويح بعدوان قادم رسمت أهدافه المطلوبة، إلا أن موسكو سبقتها بكشف النقاب عن تحضيرات النصرة لاستخدام الكيماوي في إدلب على غرار الغوطة لتبرير العدوان الأميركي وبالتالي تأتي الرسالة الروسية محذرة الإدارة الأميركية وحلفاءها لتقطع عليها الطريق في المتوسط لإجراء مناورات عسكرية بحرية وحسب وزير الخارجية الروسي لافروف، لروسيا الحق في إجراء مناورات عسكرية بحرية في البحر المتوسط والاتصالات مستمرة لتجنب أي حوادث روسية أميركية.
تغيير في الموقف الأممي
مع تصريحات ديمستورا حول قدرة المسلحين على استخدام غاز الكلور وعمليات الخطف التي حصلت مؤخرا للأطفال والنساء ورجال الدين لاستكمال سيناريو الكيماوي.
وزيارة وزير الدفاع الإيراني لسورية لتطوير التعاون الثنائي بين البلدين وأهمها مكافحة الإرهاب.
وتغير الموقف السعودي واللغة الجديدة المستخدمة تجاه سورية.
ومع سوابق تخلي الأميركي عن أدواته كما حصل في معركة تحرير الجنوب السوري ووقوف الإسرائيلي متفرجا وإغلاق الأردني حدوده في وجه المجموعات المسلحة.
لتصبح إدلب آخر معقل للتحرير وعدم وجود أي منطقة جديدة للترحيل في حال بدأت العملية العسكرية السورية لتهتم أميركا وأوروبا بتحديد وجهة السيل الإرهابي بعد إدلب.
العدوان وأهدافه
مع كل هذه المعطيات نجد أن أميركا وحلفاءها تسعى لضرب أهداف محدودة في سورية لحفظ ماء وجهها أمام شعوبها وحلفائها في المنطقة والأميركي يناور ويماطل والروسي يساير ليضمن لها خروج مناسب من سورية.
مع العمليات العسكرية للجيش السوري وتحرير مساحات شاسعة من رجس الإرهاب وإعادتها إلى سيادة الدولة السورية والعمل على إعادة تأهيل المناطق وعودة السكان وما يتم من عمليات مصالحات وتسويات بات إعلان نصر سورية النهائي في مراحله قبل الأخيرة ليتعزز تثبيت النصر عبر تفاهمات سياسية وحل سياسي نتمسك فيه كدولة سورية بثوابتنا الوطنية على مدى سنوات الأزمة مواقف ثابتة لا تتغير ومع مخرجات مؤتمر سوتشي للمصالحة الوطنية قامت الدولة السورية بالتزاماتها بتحديد ممثليها في لجنة مناقشة الدستور.
وبالختام برهنت وقائع الميدان أنه لا دور مهم أو مؤثر أو فاعل لما يسمى معارضين في التأثير على حركة الميدان والمواجهة؛ لأن المعركة الفعلية في سورية كانت بين الدولة والجيش السوري والحلفاء من جهة وبين الإرهابيين مع الدول الداعمة والحاضنة والممولة من جهة أخرى.