أوسي لـ«الوطن»: عين عيسى ثم مدينة الرقة هدف «وحدات الحماية» القادم ولا تطهير عرقياً في تل أبيض
الخميس, 18 حزيران, 2015
نفى رئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين وعضو مجلس الشعب عمر أوسي قيام «وحدات حماية الشعب» ذات الأغلبية الكردية بعمليات تطهير عرقي في مدينة تل أبيض ومحيطها بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي منها، وقال إن هذا الكلام «عار عن الصحة»، معبراً عن اعتقاده أن الهدف القادم لقوات «الحماية» وحلفائها هي بلدة عين عيسى ثم التوجه إلى مدينة الرقة لتخليصها من داعش، ومستبعداً أن يكون هذا التمدد الجغرافي للأكراد مقدمة لإقامة دولة كردية شمال البلاد، مع تشديده على أن نتائج الانتخابات التركية الأخيرة تمثل بداية انهيار مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي سيخرج خلال الأشهر القادمة من المسرح السياسي.
وفي لقاء له مع «الوطن»، قال أوسي: إن «وحدات الحماية الكردية وأكراد سورية بشكل عام ومنذ 3 سنوات يدافعون عن الخاصرة الشمالية في الجغرافية السورية أي المناطق الكردية المتاخمة للحدود السورية التركية المشتركة على طول 400 كيلومتر، ووحدات الحماية تضم في صفوفها عرباً ومسيحيين وسرياناً وكلداناً وآشوريين وأرمن ومن كل مكونات مجتمع الجزيرة السورية، وحتى الإدارات الذاتية في منطقة الجزيرة ومنها مدينة القامشلي تضم باللجنة التنفيذية إخوة عرباً وسرياناً ورئيس المقاطعة في منطقة الجزيرة هو أحد مشايخ عشيرة شمر العربية العريقة حميدي دهام الهادي».
وتابع: «نشهد منذ أيام أو أسابيع حملة شوفينية ضد وحدات الحماية الشعبية وضد أكراد سورية من بعض الجهات ووسائل الإعلام وهذه الأنباء غير صحيحة وهي لتشويه ما قدمته وحدات الحماية وأكراد سورية أي أكثر من 1500 شهيد دفاعاً عن المنطقة بكل مكوناتها».
العشرات من داعش دخلوا تركيا
من تل أبيض بلباس مدني
وحول ما يقال إن بعض القرى العربية، قد تم تجريفها نهائياً بواسطة البلدوزرات، رد أوسي: «هذا كلام غير صحيح، ولكن كانت هناك في تل أبيض بيئة حاضنة لداعش وجبهة النصرة وبقية المنظمات القاعدية وعندما انهارت داعش في منطقة سلوك بين الرقة وتل أبيض ثم دخلت وحدات الحماية إلى تل أبيض، اتجهت هذه البيئة الحاضنة إلى تركيا للدخول إليها وسمح لهم أردوغان بالدخول وبينهم عشرات المقاتلين من داعش بلباس مدني»، معتبراً أن الآلاف الذين أظهرتهم الصور على الشريط الحدودي مع تركيا «جاؤوا على خلفية هروبهم من المعارك الشرسة التي دارت بين وحدات حماية الشعب وبين داعش».
وعن تفسيره للاتفاق بين الإعلام المحلي وبعض من المعارضة ومجموعاتها المسلحة تجاه تأكيد تنفيذ الكرد عمليات تطهير عرقي في تل أبيض، قال أوسي: «آسف لرؤية الإعلام الوطني السوري حول ما جرى في تل أبيض، وأعتقد أنه قد وصلته من مصادره معلومات خاطئة، أما فيما يتعلق بالمجموعات المسلحة فهي تعادي الشعب الكردي منذ الأيام الأولى وهي تعتبر وحدات الحماية والشعب الكردي جزءاً من النظام وهؤلاء من الطبيعي أن يوجهوا اتهاماتهم هذه إلى وحدات الحماية».
وأكد أوسي، أن وحدات الحماية ستفتح أبواب عودة الأهالي الفارين من المعارك، وقال: «هناك لجان مشتركة من العشائر العربية والكردية لترتيب هذه الأوضاع الإنسانية بعد أن سيطرت وحدات الحماية على تل أبيض، فوصلت منطقة عين عرب (كوباني) الكردية السورية بمنطقة الحسكة عبر مدن وبلدات سلوك وتل أبيض ورأس العين والدرباسية وعامودا، وأصبحت بذلك خطوط الإمداد اللوجستي لوحدات الحماية سهلة بالاتجاهين وهذا انتصار كبير لوحدات الحماية ولسورية وانهيار لداعش وبقية المنظمات الإرهابية».
وإن كانت وحدات الحماية ستواصل عملياتها للسيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا بهدف محاصرة داعش قال أوسي: «أعتقد أن الهدف القادم لوحدات الحماية وحلفائها هي بلدة عين عيسى إلى الجنوب من تل أبيض ثم التوجه إلى مدينة الرقة فلينتظر أهلنا وشعبنا في الرقة هذه القوات لتخلصهم من داعش ثم مدينة جرابلس وقد تتطور بصورة دراماتيكية إلى تخوم حلب أيضاً».
لا دولة كردية في شمال سورية وإنما إدارات ذاتية
ورفض أوسي تفسير البعض هذا التمدد الكبير للمناطق التي تسيطر عليها وحدات الحماية بأنه مقدمة لتأسيس دولة كردية شمال سورية، وقال: «ليست هناك إمكانية لقيام دولة كردية في شمال سورية ومن هنا جاء تأسيس الكانتونات الثلاثة التي يفصلها التواصل الجغرافي ومكونات أخرى من إخوتنا العرب، وأعلنت قيادات الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي أنهم يسعون إلى إدارات ذاتية لتعمم هذه التجربة على باقي المحافظات السورية وهي تجربة يمكن محاكاتها بتجربة الإدارة المحلية مع توسيع بعض الصلاحيات لها، وبالتالي ليست هناك أي نية ولا توجد الإمكانية أساساً وتركيا لن تقبل بقيام مثل هذه الدولة والواقع الإقليمي لن يتحمل قيام مثل هذه الدولة».
واعتبر أوسي أن تجربة الإدارة الذاتية «يمكن مناقشتها ومحاكاتها مع شيء من الحكم اللامركزي أي الإدارات المحلية وتطويرها وهذا ليس بالأمر الخطأ ومن الممكن مناقشته بعد أن تضع الحرب أوزارها».
وحول نتائج الانتخابات البرلمانية التركية وتأثيرها في العلاقات السورية التركية عبر أوسي عن اعتقاده بأن «النظام الأردوغاني الإخواني قد انهار في هذه الانتخابات على أسوار ديار بكر بشكل خاص وبقية مدن ومكونات تركيا بشكل عام، وتلقى المشروع الإخواني خسارة كبيرة وتاريخية بالنقاط بعد أن تمكن حزب الشعوب الديمقراطي من إحراز انتصارات كبيرة تمثلت بـ80 نائباً في البرلمان منها أكثر من 50 نائباً من حصة أردوغان ما أفقده الأغلبية المطلقة وبات أمام خيارات صعبة فإما حكومة ائتلافية مع أحد أحزاب المعارضة واحتمال ذلك ضعيف وسيخسر إذا تم تشكيل مثل هذه الحكومة وسيضطر إلى تغيير سياساته الداخلية والخارجية ومواقفه من الأزمة السورية، وإما أن يدعو لانتخابات مبكرة وحينها سيتلقى الضربة القاضية، والاحتمال الثالث أن تقوم أحزاب المعارضة بتشكيل حكومة ائتلافية ما سيمثل انتصاراً للشعب التركي وللأكراد وللشعب السوري وستتغير نظرة تركيا إلى القضية السورية وتوقف دعمها للإرهابيين وسيمثل ذلك انتصاراً كبيراً سيكون له انعكاسات تاريخية مفصيلة على الواقع الميداني والداخلي في سورية».
مشروع أردوغان انهار وسيخرج من المسرح السياسي
وقال: «إن ما حدث في تركيا هو بداية انهيار مشروع أردوغان وسيخرج خلال الأشهر القادمة من المسرح السياسي التركي وأعتقد أن المظلة الأميركية ترفع عنه شيئاً فشيئاً».
وإن كان دخول الأكراد إلى البرلمان في تركيا يدفع باتجاه نمو الآمال نحو قيام دولة كردية في المنطقة أو سينعكس سلباً على هذا المشروع بتأجيله أو إلغائه، قال أوسي: «من حيث المبدأ من حق الأكراد أن يقيموا دولة كردية في مناطقهم وخصوصاً في كردستان التركية ولكن أكراد تركيا يطالبون أيضاً بالإدارات الذاتية وشيئاً من الحكم الذاتي وأعتقد أن هذه الانتخابات ستعزز موقف الأكراد لإدارة شؤون مناطقهم في تركيا وهذا حق طبيعي لهم».
وأضاف: «هناك موافقة من الدول الغربية لإقامة مثل هذا المشروع في المستقبل وفي عام 2023 سيمضي مئة عام على اتفاق لوزان الذي تم فيه رسم خريطة تركيا الحالية بقيادة كمال أتاتورك وأعطاها حينها مهلة 100 سنة وهذه شارفت على الانتهاء أي في عام 2023 سيكون هناك كلام آخر وقد تقوم بعض القوميات ومنها الكردية والعرب بالمطالبة بحقوقهم القومية بشكل فيدرالي أو ما شابه ذلك ولم يعد يقبل أكراد تركيا سيطرة الأتراك عليهم ومحو خصائصهم القومية كما فعلوا مع بقية القوميات».
وإن كانت المواجهات العسكرية بين العمال الكردستاني والأتراك ستتراجع مع دخول الأكراد إلى البرلمان التركي، أعرب أوسي عن اعتقاده أنه «سينهار ما يسمى العملية السلمية على خلفية هذه النتائج بين رجب طيب أردوغان وحزب العمال الكردستاني وحتى الآن الدولة التركية لم تبد أي استعداد لتقديم أي تنازل باتجاه الشعب الكردي وحقوقه القومية لذلك أعتقد أن العمل العسكري والصدامات ستتصاعد بين العمال الكردستاني والجيش التركي وقد بدأت المناخات بهذا الاتجاه، والأمر سيتفاقم إذا ما تعنتت الحكومة التركية القادمة باتجاه إيجاد حل سلمي للقضية الكردية».
الإفراج عن دفعة جديدة
من الموقوفين خلال أيام
وبصفته رئيساً للجنة المصالحة الوطنية في مجلس الشعب كشف أوسي عن احتمال الإفراج عن آلاف المعتقلين السوريين، وقال: «إن نشاط وعمل لجنتنا يبدأ من التوصل إلى تسويات ومصالحات وطنية ويأتي بعدها مباشرة ملف المخطوفين لدى المجموعات الإرهابية المسلحة ثم الموقوفين على خلفية الأحداث ممن لم يرتكبوا جرائم شائنة ضد الشعب السوري». وأضاف: «لقد بدأنا بهذه العملية عبر الإفراج عن 240 موقوفاً (قبل أسبوعين) على خلفية الأحداث بالتعاون مع وزير العدل نجم الأحمد وسيستمر هذا العمل لإخراج دفعات أخرى قد تصل إلى الآلاف إن شاء الله، وهناك دفعة جديدة متوقعة خلال أيام».
وعن تقييمه لعمل المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، قال أوسي: «أنا شخصياً لا أراهن على هؤلاء المبعوثين الدوليين وليس بجعبة دي ميستورا شيء جديد ولقد أوضحت القيادة السورية وعلى رأسها الرئيس (بشار) الأسد بعد استقباله دي ميستورا أنه يجب وقف الإرهاب وتدفق الإرهابيين ضد سورية أولاً لأنهم باتوا يشكلون خطراً على الأمن والسلم العالميين، ورغم أن القيادة السورية لم تقاطع مثل هذه النشاطات الدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية فنحن مع الحل السياسي ولكن الطرف الآخر يصعدون الإرهاب وأنتم رأيتم خلال اليومين الماضيين هذه القذائف الصاروخية والهاون ضد أكبر مدينتين في سورية وهي حلب ودمشق وراح ضحيتها العشرات من الشهداء وكلهم من المدنيين، وهم لا يميزون».
الإرهابيون سيصعدون هجماتهم لكن مرحلة الدخول الفعلي بالحل السياسي لن تطول
وأعرب أوسي عن اعتقاده بأن الإرهابيين سيصعدون من هجماتهم مع بدء شهر رمضان المبارك للاستحواذ أكثر وتثبيت أقدامهم في بعض الجغرافيات ولكن الجيش السوري بالمرصاد والشعب السوري متكاتف وأعتقد أن هذه المرحلة لن تطول وسيعقبها مرحلة من الدخول الفعلي للحل السياسي».
وأوضح أوسي أن لجنة المصالحة في مجلس الشعب طلبت لقاء مع دي ميستورا و«إن لم يحصل ذلك في هذه الجولة فسيحصل في الجولات القادمة» لنشرح له عمل لجنة المصالحة الوطنية وإلى أين وصلت وضرورة تمثيلها في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية للتعبير عن وجهة نظرنا باعتبارنا نمثل مكونات الشعب السوري.
وحول قراءته للتصعيد العسكري الذي يتم دوماً مع زيارات دي ميستورا إلى دمشق سواء على الجبهات أم من خلال استهداف الأحياء المدنية قال أوسي: «صحيح لأن القوى الإرهابية ومن يقف وراءها في الخليج وتركيا والغرب لا يريدون لهذه الجهود أن تنجح وإنما يراهنون على الحل الإرهابي والعسكري وخصوصاً عشية توقيع الاتفاق النهائي بين خمس +1 وإيران والتي تقدم كتابة مسودة هذا الاتفاق بشكل نهائي بانتظار اجتماع وزراء خارجية خمس +1 وإيران في فيينا قبل نهاية حزيران الحالي ولذلك كل الأطراف تقوي مواقعها على الجغرافيا السورية».