واخيرا ارتفع العلم السوري فوق بريد درعا المبنى الاداري الوحيد المتبقي في مدينة درعا بعد مضي ثماني سنوات على الحرب على سوريا، حيث ان درعا اولى المحافظات التي اشتعلت فيها المظاهرات عام 2011 بدعم من الغرب وبمساعدة بعض الدول في المنطقة حيث تصاعدت الاحداث حتى استمرت لمدة ثماني سنوات تقريبا، وان تحرير الجنوب السوري واقتراب الجيش السور وقوات المقاومة من الحدود مع الجولان المحتل يعتبر جرس خطر بالنسبة للكان الصهيوني.
ولتسليط الضوء اكثر على تداعيات وتبعات تحرير الجنوب السوري ومايشكله من خطر بالنسبة للكيان الصهيوني اجرت وكالة مهر للأنباء، لقاء مع البرلماني السوري "محمد رجا"، للتحدث اكثر حول تفاصيل هدا الموضوع.
نص الحوار:
س: ماهو تقييمك للقاء الثنائي بين المبعوث الإيراني الدكتور علي أكبر ولايتي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومفاوضاتهما حول حضور ايران في سوريا واللقاء بين جابري انصاري والرئيس بشار الأسد ؟
يكتسب لقاء المبعوث الإيراني الدكتور علي أكبر ولايتي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولقاء الرئيس الأسد بجابري أنصاري أهميتهما من توقيتهما ومن مضمونهما حيث نشهد بوضوح أن اللقاءات بين الجانبين عبر مراحل الأزمة السورية كانت على قدم وساق ولكن المضامين كانت مختلفة فالكلام في هذه الأيام ليس كما كان في السابق يتركّز حول العمليات العسكرية في سورية وموقف البلدين من ضرورة دحر الفوضى والأرهاب والأستمرار في مساندة الجانبين الروسي والإيراني للسلطة الوطنية الرسمية في سورية .
إنما الكلام اليوم يتركّز في أصل الوجود الإستشاري الإيراني في سورية وهذا الكلام في الحقيقة لم تدفع به إلى الواجهة لا الحكومة الروسية ولا الحكومة الإيرانية ولا الحكومة السورية ولكن الذي يثير هذا الحديث هم الخصوم في آخر محاولاتهم العبثية في محاولة لزرع الخلاف بين الدول التي قاتلت الأرهاب على الارض السورية وانتصرت عليه ودحرته وأفشلت مخططات الدول الإمبريالية ودول الأستكبار العالمي ونواياها العدوانية.
ومن يشاهد هذه اللقاءات في موسكو وفي دمشق بين المسؤولين الروس والسوريين والإيرانيين فإنه يرى بكل وضوح أن الأمور بين هؤلاء الكبار المنتصرين إنما تسير بوضعها الطبيعي على أكمل وجه وفي أعلى مستويات التفاهم والتنسيق المشترك لما فيه خير هذه الدول ولما فيه مصلحة المنطقة وشعوبها .
ولن ينخدع أحداً بأن الإستكبار العالمي والصهونية العالمية وعرب الردة والخيانة عندما يركّزون في هذه الأيام على الحاق الضرر بإيران أنهم سيقنعون أحداً بأن نجاحهم في إلحاق الضرر بإيران أنه يصب في صالح روسيا أو أن روسيا سترضى بإلحاق الضرر بإيران أو أن إلحاق الضرر بإيران يصب في صالح سورية أو أن سورية سترضى بإلحاق الضرر بإيران لأن العدو في الحقيقة واحد للجميع وأن عدو إيران وروسيا وسورية في هذه الحرب إنما هو العدو نفسه الذي كان يضرب بالأمس كل هذه الدول في سورية فهاهو اليوم يريد ضرب كل هذه الدول ولكن في الجبهة الإيرانية فمن يصدق أن الغرب يريد لروسيا النجاح ومن يصدق أن الغرب يريد لإيران النجاح أو يريد للحكومة السورية أن تنجح في حربها ضد الإرهاب .
نفس هذا العدو إنما يريد ضرب هذه الدول كلها ولكن في ايران هذه المرة وذلك من أجل إنفراط هذا العقد القائم بين هذه الدول الثلاث فهذا العِقد يكمّل بعضه بعضاً أي يريد الغرب ضرب الجميع ولكن في جبهة جديدة هي ايران التي هي في الحقيقة جزء أساسي من هذه الجبهة الواحدة التي تقف بإتساق تام مع حلفائها بوجه الغرب ومخططاته . ومن المهم التنبيه إلى أنه ليست المصالح فقط هي التي جمعت روسيا وسوريا وأيران بل المبادئ أيضاً في عالم أدار ظهره للعهود والمواثيق وللشرعية الدولية .
س: ماهي خلفيات التهديدات الإسرائيلية ضد إيران وسوريا في الأيام الأخيرة ؟
اسرائيل دولة قائمة على العدوان ولا نستغرب منها اطلاق هذه التهديدات بين الفينة والأخرى وأنتم تلاحظون أن هذه الحرب الدائرة في سوريا إنما هي حرب خارج حدود مايسمى بدولة اسرائيل وهي ليست طرف في هذه الحرب كما تدعي إلا أننا نرى صوتها إنما يبدأ بالإرتفاع عندما يصبح الإرهاب في سوريا في وضع حرج وفي وضع سيئ فيبدأون بالعويل والتهويل والتطبيل من الخطر الإيراني المحدق وتبدأ صدورهم تضيق حرجاً من اي نصر يحرزه الجيش السوري على الإرهاب وكذلك تضيق صدورهم من أي نجاح يحرزه الرئيس السوري بشار الأسد عدوهم اللدود .
وكذلك نلاحظ أن الدولة العبرية مهما حاولت إخفاء مشاعرها وتضامنها مع الإرهابيين ومهما حاولت الظهور بأنها خارج خندق الإرهابيين إلا أن لحن القول يفضحها وأن مساندتها المباشرة للجماعات الإرهابية المسلحة ينسف كل ادعاءاتها بالحرص على التمدن والحضارة والأمن والسلم الدوليين .
ويكفي هذه الدولة عاراً أنها بكل وضوح تتمنى أن ينتصر الإرهاب في سورية وأنها أيضاً وبكل وضوح تريد للدولة السورية أن تنكسر في هذه الحرب أمام الإرهاب وهذا الموقف للدولة العبرية أكبر وسام شرف على صدر الحكومة السورية .
وعليه فإن نائب الدولة العبرية في حربها ضد سورية وايران وضد كل محور المقاومة ومحور العدل والإنسانية في العالم إنما يتمثل بالمنظمات الإرهابية التي ينفق عليها كل من هو في الخندق المعادي لسورية وإيران وروسيا .
والخلاصة بوضوح إن التهديد لسورية وايران خلفيته ناشئة من انهيار الإرهاب ووضعه الحرج مما أدى بالأصيل للتصدي لعمله صراحة عند ضعف الوكيل حيث يسود في اسرائيل الخوف والهلع من انتصارات الجيش السوري وحلفائه التي يحققها على المنظمات الإرهابية التي تشكل رأس الحربة الإسرائيلية في المنطقة الواضح أنه ماكان لإسرائيل أن تبقى لولا وجود هذه التنظيمات التي أشغلت المنطقة عن واجبها الأساسي في مكافحة الصهيونية العالمية وتحرير فلسطين .
س: كيف ترى اوضاع جنوب سوريا حاليا ؟ وما هي أهمية تحرير درعا ؟ وماهو برنامج الجيش السوري للمناطق المتبقية؟
بالنسبة للوضع في جنوب سورية بعد تحرير هذه المناطق من رجس الإرهاب فإن أول مايهمني في هذا الباب أنه قد ساد هذه المنطقة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من سورية سادها شعور بالنصر عند أهالي هذه المنطقة وأن الجيش الوطني لبلادهم قد تمكن من دحر الإرهاب وأن هؤلاء الأهالي يشعرون بأنهم أستعادوا حريتهم وأنهم تخلصوا من أيام الرعب والخوف والعيش بظل التنظيمات الإرهابية المسلحة بعيداً عن مؤسسات الدولة الوطنية وخدماتها وأن هذه العودة لوطنهم هي الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون وهي الوضع الطبيعي الذي يجب أن يسود .
وتأتي أهمية تحرير درعا فضلاً عن قيمتها العسكرية من قيمتها المعنوية الواضحة فإذا ما رجعنا بالذاكرة إلى بداية الأحداث في سورية وشرارتها فإننا سنجد أنفسنا أمام مؤشر واضح أن الحرب في سورية في نهاياتها وذلك بوصول الجيش إلى نقطة البداية وهذا الأمر يشكّل بداية التتويج لإنتصار الشعب السوري والدولة السورية على الإرهاب .
وبالنسبة لبرنامج الجيش بعد تحرير المنطقة الجنوبية في سورية فإن الجيش السوري سيستمر في عملياته ضد الإرهاب على أمتداد أرض الوطن وإلى آخر شبر من الأراضي السورية وهذا هو الأمر الطبيعي وهذا هو الواجب المقدس فالإرهاب مرض والجيش هو العلاج ولا أحد يرضى أن يبقى المرض بلا علاج .
وحركة القوات المسلحة في سورية إنما هي حركة سيادية وحق مشروع لاغبار عليه ولانجد خلافاً بين سياسيين أثنين في هذا العالم أن تواجد الجيش الوطني ضمن كامل أراضيه إنما هو حقٌ مشروع واضح وصريح .
س: هل يمكن مواجهة الجيش السوري مع الصهاينة في الجولان المحتل وهل لديكم خطط للرد على الإعتداءات الإسرائيلية ؟
الجيش السوري في الدستور هو لحماية البلاد والدفاع عنها بوجه أي عدوان ولحفظ أمن البلاد وليس جديداً على هذا الجيش المواجهة مع الدولة العبرية وفي حال قام الجيش الإسرائيلي بخرق الهدنة التي تمت في نهاية حرب 1973 فإن الرد سيكون حتمياً ومؤدياً لأغراضه .
كما أن أرض الجولان تشكل جزءاً لا يتجزأ من الأراضي السورية ولايجوز التنازل عن شبر من هذه الأرض والحكومة السورية والجيش السوري يعرفان واجبهما جيداً تجاه هذه الارض ولسنا بحاجة للتذكير من أحد بهذا الواجب ولسنا بحاجة لأن يذكرنا بهذا الواجب بعض الهُمزة اللُمزة بين الحين والآخر بقولهم : أنكم لم تطلقوا طلقة واحدة باتجاه أسرائيل منذ أربعين سنة !!!
ويتناسى هؤلاء أننا امضينا هذه المدة نتحصن منهم ويتحصنون منّا ونستعد لهم ويستعدّون لنا وأن إنفجار الأمر بيننا وبينهم إنما هو أمر له حساباته الدقيقة والمعقدة والتي قد تؤدي بالمنطقة والعالم إلى طريق الهاوية عند اندلاع الحرب .
ومع كل ذلك فإن لدينا بوجههم الكثير من الأسلحة بجانب القدرة العسكرية التي يمتلكها الجيش السوري حيث لدينا من المقومات الأخرى التي تقوم على ماحدده لنا العظيم الراحل القائد المؤسس حافظ الأسد حين قال : "نحن نملك مالايملكون نحن نملك الحق الساطع والشعب الواسع" .
لذا فإننا في سورية نعوّل على إنهيارهم دون حرب فاتحين المجال للحلول السلمية أن تأخذ فرصتها كواجب رسالي تاريخي نلزم به أنفسنا حتى حين .
مع شعورنا التام بالرضى عن سلوكنا السياسي تجاه أراضينا المغصوبة فعلى الأقل إن فاتنا أخذ حقوقنا عنوة وبالقوة العسكرية بظل هذه الظروف فعلى الأقل لم نهادن ولم نساوم ولم نتنازل ولم نوقع على صفقة مُذِلّة نبيع بها كرامة الأمة وحقوقها .
وأنتم تعلمون أن الجيش السوري جيش عقائدي عميق النفس يستند إلى أمة موغلة في القدم بعكس الدولة العبرية التي تقوم على شعب متلصص ضائع في أزقة التاريخ ويريد اليوم باللصوصية والمال والإجرام وبالإستناد للإستكبار العالمي أن يبني كياناً غير شرعي على حساب الشعوب الأصلية الضاربة الجذور في أرضها وفي عمق التاريخ .
س : ما هو رأيكم حول نشاطات التحالف الغربي في سورية وما هي تكهناتكم عن مؤامراته بعد إنتصار محور المقاومة على تنظيم داعش الإرهابي ؟
كان سلوك هذا التحالف عبر مراحل الأزمة السورية سلوكاً عدائياً بكل وضوح ضد الحكومة السورية وضد الشعب السوري وقد سارت هذه الدول عن عمد في الطريق التي يعلمون جيداً أن حاصلها هو ضرب الوحدة الوطنية للشعب السوري وتدمير منجزاته التي حققها بعرقه عبر سنين طويلة .
ولكن هذه الدول المعادية وبعد أن تأكدت من خيبة أملها التي لحقت بها في سورية وبعد الفشل الذريع الذي منيت به أعتقد أنها وبحسب رأيي ستسير فرادى وجماعات بإتجاه سورية من أجل إعادة فتح العلاقات الدبلوماسية معها وعودة الحياة السياسية الدولية الطبيعية التي كانت قائمة بين سورية وبين كثير من الدول التي قامت من جانبها بقطع تلك العلاقات . وهذا هو منطق التاريخ الذي ساد في كل النزاعات فالكل في النهاية سيتكلم مع المنتصر ويصحح العلاقة معه .
وسورية اليوم دولة محورية فيها ومنها تجددت الآمال بقوة في إعادة بناء قواعد النظام الدولي القائم على تعدد الأقطاب بل إن هذا ماحصل الآن … وكل ذلك تحقق بفضل تضافر جهود سوريّة وحلفائها الروس والإيرانيين ووحدتهم في الموقف ضد الإرهاب وضد القطبية الأمريكية الواحدة التي تريد الإستفراد بالعالم والإستفراد بشعوب المنطقة ولكن بفضل الصمود الروسي وبفضل الصمود الإيراني ومواقفهما الموحدة في أرض الميدان وفي المحافل الدولية فقد تم تخليص العالم من هذا التفرد ومن هذه القطبية الواحدة . وعلى أبواب سورية تم تمزيق خارطة الشرق الأوسط الأمريكية مما حقق البعد عن الهيمنة والتسلط لقوى الأستكبار العالمي ونهب خيرات الشعوب وثرواتها .
لذا أعتقد أنهم لم ولن يقصروا في التآمر الفاضح والمكشوف ولكنهم سيأتون لإرضاء سورية وحلفائها وكلنا يعلم أن سورية لم تخطئ بحق أي دولة مجاورة ولم تعتدي على أحد وسجلت على المستوى الدولي اعلى درجات الإلتزام بقواعد النظام الدولي والشرعيّة الدولية./انتهى/