مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

عضو مجلس الشعب جويدة ثلجة تكتب : السلام صنعة أم بدعة

الأحد, 17 كانون الأول, 2023


السلام في تعريفه: حالة من الاستقرار والاطمئنان الذي يعيشه المجتمع والأفراد، ويتمتع الفرد فيه بكافة حقوقه ويمارس واجباته والتزاماته دون ضغط أو إكراه، ومن مسمياته السلام الداخلي؛ ذلك السلام الذي يُفضي إلى السلام الروحي، وهو السكينة وراحة البال وعمل الخير ومساعدة الآخر والسعي لإسعاده، ليس خوفاً من الله إنما حب وإيمان به، فهل تتحقق حالة الاستقرار في المجتمع دون أن تتحقق في الفرد نفسه، فإن لم يكن هناك سلام داخلي فلن يكون هناك سلام خارجي للمجتمع، لأن ما في الداخل سينعكس على مافي الخارج، فإذا كان السلام الداخلي موجوداً فإن الحب المكنون سينتشر ليصبح حباً خارجياً للمحيط ولكل من نتعامل معه، فلن نتعامل إلا بتلك المحبة المغروسة كالنبته؛ هذه النبته التي نغذيها ونعتني بها لتكبر وتصبح شجرة تأكل أنت ومحيطك من خيراتها  الطيبة الثمار.

السلام لا يتجزأ وهو كلٌّ متكامل، فلا يمكن تحقيق السلام الخارجي "المجتمعي" دونما وجود السلام الداخلي، فهما متكاملان وغير منفصلين، فمن أين تسقي المحيط والنبع جاف؟ ومن أين تطعم الجموع وليس لديك الزاد؟.

السلام العالمي أو السلام على الأرض: في مفهومة هو الحالة المثالية للسعادة والحرية والسلام داخل وبين جميع الشعوب والأمم على الأرض، وهذه هي الفكرة المتمثلة بعدم وجود عنف في العالم، وهي إحدى الدوافع التي من المفروض أن تحفز الشعوب والأمم على التعاون طوعاً بمحض إرادتها، فالثقافات والديانات والفلسفات والمنظمات لكل منها مفهومة الخاص عن كيفية إحلال السلام في العالم، وبناءً على مفهوم السلام العالمي وعن كيفية إحلال السلام في العالم يحضر في مخيلتي السؤال التالي: هل عاش العالم سلاماً في الماضي؟ أو هل يعيش العالم اليوم سلاماً حقيقياً رغم وجود كل المنظمات التي تدعو إليه؟ وهل من الممكن أن يعيش مستقبلاً سلاماً عالمياً ؟....

لو نظرنا إلى المنظمات التي قامت على أنقاض الحرب العالمية الثانية، في الماضي غير البعيد، لوجدنا بأن لديها يوماً عالمياً سُمّي باليوم العالمي للسلام وهو في 21 سبتمبر من كل عام، وقد تأسس هذا اليوم في عام 1981 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد عقدين من الزمن أي في العام 2001 صوتت الجمعية العامة بالإجماع على تسمية اليوم بأنه يوم لمنع العنف ووقف إطلاق النار، وفي العام 2013 ، ولأول مرة، خُصص يوم" لتعليم السلام". أي بوسائل الوقاية الرئيسة للحد من الحرب على نحو مستدام.

وكان الهدف المعلن من ذلك هو تحقيق السلام العالمي من خلال الأمم المتحدة وجمعية حقوق الإنسان والمؤسسات المتواجدة فيها.

أما ما هو أعمق من ذلك الهدف غير المعلن فهو ابتداع فكرة للسلام من خلال حصر ومحاصرة السلام واختزاله، من أجل العمل على اضمحلاله، عبر يوم واحد، فالسلام اختصر بيوم عالمي للسلام، والذي حسب الأمم المتحدة يمكن الاحتفال به بوقت محدد ، أي ليس دائماً، وتم حصره بفترة زمنية ضئيلة جداً، أما ماوراء ذلك، أي في الباطن، فهناك أمور مخفية ومغيبة، فهل يُعقل بأن السلام يتم تعليمه بيوم واحد من خلال تخصيص هذا اليوم " لتعليم السلام" فعندما تقوم بالتعليم فأنت تعلم لأجل أن يصبح من تعلمه قادراً على الصناعة وتعليم ما تعلم، فهل يمكن لهذا  اليوم أن يكون كفيلاً بذلك؟ وهل هو قادر على تعليم وإتقان صنعة أو حرفة من خلال تلقينها لمتلقيها؟ فكيف إن كان ما تتعلمه هو صناعة السلام، إن من يسعى للسلام يسعى للمحبة، وكما ذكرت في البداية من لا يملك السلام لا يستطيع إعطاءه للآخر حباً ومحبة وسعادة، ففي المسيحية  وكما قال السيد المسيح: "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله " فالله محبة، ومن يمتلك المحبة ينشر عبقها لمحيطه، وهنا فعلاً تكون صناعة السلام، وفي الإسلام قال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وأن النبي  جاء ليتمم مكارم الأخلاق "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فإن كان كذلك فهل يمكن أن ينتج عن ذلك إلا السلام؟ وهنا نجد بأن الأيام جميعها يجب أن تقوم على السلام الدائم، وليس ليوم واحد أو ساعة محددة، أوتحديد زمن يكون  فيه السلام وباقي ما تبقى إنما هو نزاعات وصراعات ودمار كما حددوها في نظرياتهم للسلام، وسأتحدث عن البعض منها "كالسلام من خلال الحرب ونشر القوة والتدمير المتبادل المؤكد في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي) وجميعها ظاهرها سلام وباطنها حرب ودمار.

أما ما اصطلح على تسميته بنظرية السلام من خلال القوة فهذا المصطلح يعود إلى الامبراطور الروماني هادربان الذي حكم ما بين عامي (117-118م) وهو مفهوم قديم قدم التاريخ المدون، يقول الإله المصري بتاح أن "قوة" رمسيس الثاني (1279-1213ق.م )  تتسبب لكل دولة "أن تتوق إلى السلام"

أما بالنسبة للنظرية التي تتحدث عن التدمير المتبادل وتتناول عقيدة الاستراتيجية العسكرية التي يؤدي فيها الاستخدام الكامل للأسلحة النووية من جانب جهتين متعارضتين إلى تدمير كل من المتحاربين، وبعدها تصبح الدول منهكة وتلجأ إلى السلام، فميثاق الأمم المتحدة وكل تلك النظريات لم تقم على سلام بل قامت على الحروب، فما هو هذا السلام الذي يقوم على أنقاض حروب وكأنه بمثابة استراحة مقاتل للعودة مرة أخرى للحرب والتدمير.

إنها بدعة وخدعة يتلاعبون من خلالها بعقول الشعوب، فالأمم المتحدة التي نشرت قوات حفظ النظام لأول مرة عام 1948 في فلسطين بعدما احتلت إسرائيل كان من مهامها حفظ السلام والعمل على تنفيذ اتفاقيات السلام.

إنه السلام المبتدع من قبل الأمم المتحدة، فهم من ساهم في احتلال إسرائيل للدولة الفلسطينية وهم من بعثوا قوات حفظ السلام إليها، وباسم هذا السلام المبتدع لديهم يحتلون ويهجرون الشعوب من أوطانهم، فهل من المنطق أن من يقوم بالحروب والدمار هو نفسه من يسعى للسلام؟ مطلقاً... كلام غير منطقي ولا يدخل إلى العقل، هنا القاتل يصبح الضحية والمجرم يكون بريئاً، وفي النهاية فإن هذه الدول غير قادرة على صناعة السلام لأن من يثير النزاعات والحروب لتحقيق مصالحة الاقتصادية والعسكرية بسبب طمعه وجشعه لا يمكن أن يصنع السلام، فهو لايصنع سوى السلاح، ويسعى جاهداً لإيجاد سوق رائجة له، ومن يحاول صنع السلام، أياً كان، فسوف يعاقب ويحاسب ويصلب كما صلب السيد المسيح.

إنهم من ابتدع فكرة السلام للقضاء على من يصنع السلام.          

جويدة ثلجة



عدد المشاهدات: 444

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى