مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

الدكتور نبيل طعمة يكتب : بقايا الهولوكوست

الأربعاء, 17 كانون الثاني, 2024


يصنعون اليوم هولوكوستاً جديداً مطورين به جوهر النازية القديمة، ينشرونه ضمن تعاليم بني إسرائيل؛ أي التعاليم الحقيقية لإسرائيل "يعقوب"، ملك مملكة يهودا عندما أمر بغزو جواره "مملكة حمور"  وصاحب نظرية أبيدوا حرثهم ونسلهم وشجرهم وحجرهم، صغيرهم كبيرهم،  يعيدون به ما قام عليه كيانهم تاريخياً، وكما فعلوا ، وما زالوا، في أوكرانيا، وكما يحضرون في تايوان، التي سيفتتحون بها عهوداً جديدة يجهزونها في العديد من الدول المستقرة حتى الآن، الحكومة الإسرائيلية جسدت هذا العنوان وذهبت بأفعالها إلى أبعد مدى، مواصلةً جبروتها الدموي الذي تجاوزت به كل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية، وتفوقت بأفعال الانتقام هذه بشكل  لم يشهد التاريخ له مثيلاً، ساوت بين المدني الأعزل والمقاوم المقاتل، لم تفرق بين مسكن آمن ومستودع ذخيرة أو مكان عسكري، مارست التنكيل بالأطفال والنساء والشيوخ، وأخرجت من جوهرها كل الوحشية التي تبرأت منها وحوش الطبيعة، وأرخت بإرهابها على كل الفلسطينيين أينما وجدوا في الداخل والخارج، وكذلك على العرب والعالم.

الرئيس الأمريكي "جوبايدن" الذي يجاهر بأنه صهيوني ويصرح بأن ما تقوم به إسرائيل في فلسطين (عفواً لا يذكر فلسطين أبداً بل يقول في غزة) لا يرقى إلى مستوى جرائم الإبادة، بينما تطالب وزيرة خارجية ألمانيا إسرائيل، بخجل شديد، أن تقوم بعمليات أقل حدة، وها هو الرئيس الفرنسي "ماكرون" يعيّن رئيس وزراء يهودياً يؤمن بالليبرالية الحديثة ومتزوج من مثلي، وكما فعلوا في أوكرانيا عندما نصّبوا رئيساً يهودياً صهيونياً فتحوا له كل بوابات العالم، رغم ممارسته الفعلية للهولوكوست ودفعه مئات الألوف من أبناء أوكرانيا للموت المجاني، بالإضافة لدعم الإعلام الغربي له بقوة، دون أن يستطيع أحد تغييره، أو حتى انتقاده، لماذا؟ لأنه يمثل إسرائيل في القارة الأوروبية.

مؤكد أن تصنيع الهولوكوست النازي مستمر ويتصاعد بهدف إفناء محور المقاومة، الذي يعتبرونه محور الشر في العالم، والذي ينتشر من فلسطين (غزة) إلى لبنان وسورية والعراق وإيران واليمن، هذا المحور الذي لا يريد الذهاب إلى حرب شاملة مقدراً التوازنات الدولية، ولرغبته الدائمة في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية دون تجزئتها، ومع هذا يتواصل الجبروت الدموي الإسرائيلي، يرافقه الدعم الهائل من قوى الغرب، وعلى رأسها أمريكا، وبدلاً من أن يؤدي ذلك إلى التراجع ووقف هذا النزيف الدموي تتعاظم هذه الكارثة التي أحدثت دماراً ودماءً منسابة، لتسطر في صفحات التاريخ حالة غير مسبوقة تسببت في جروح غائرة لا بد أن تنجز ثأراً قادماً لا محالة، لا شك أن الذي يُظهر "الجني" عليه أن يخفيه، وهذا مثل سائد بين الشعوب، والأورو أمريكي الذين أوجدوا هذا الجني "إسرائيل" عليهم لجمه أو إنهاءه، لأن المشهد الدامي الذي مارسه ويمارسه أخذ يغري الآخرين للقيام بفعل مثله، وما قيام جنوب أفريقيا التي تحملت نظام الأبارتيد "الفصل العنصري" لعقود طويلة بتقديم دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل واتهامها بأفعال "الإبادة الجماعية"  وهي التي عانت ما عانته من هذا النظام، تشهد الآن على مجازر الإبادة التي تفوقت كثيراً على ما جرى لديها إبان حكم "الابارتيد" وعلى أهمية هذه الدعوة وبنودها التي وجدت بالأساس من أجل قضية الهولوكوست حصرياً، بحكم  الادعاءات عن محاولة إبادة اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، وهنا أقول، وأنا على قناعة تامة، بأن هذه المحكمة مسيسة بامتياز ولن تخرج بأي نتيجة لصالح الفلسطينيين أو غيرهم من العرب، فإذا كان أبناء وأحفاد مانديلا يقاضون الوحشية والإجرام والتنكيل والإبادة فالأولى بالعرب أن يتحركوا، وبقوة، وأن يستثمروا، بجدية في هذه القضية الشائكة والأكثر من هامة ، من أجل استمرارهم كشعوب وكأمة، فتذكير هذا المعتدي بالقانون الدولي وبالإنسانية من الأهمية بمكان، وهذا وإن كان من باب آخر تفتحه الأمم وتحيي ذكرى المجازر التي من خلالها أسست فيه الدولة الإسرائيلية على أشلاء الفلسطينيين في رحلة ظهورها الآثم ما قبل إعلانها عام 1948 وحتى اللحظة، والذي حصل في السابع من تشرين أحدث ثورة فكرية إنسانية أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بقوة، وإن كنت أعتقد أن الأورو أمريكي البريطاني لن يسمح بأي إدانة للإسرائيلي، وستتم المراوغة لإيجاد حل لهذه القضية دون أن يعطوا الفلسطيني أي حل، وسيعملون جميعاً على تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم من خلال الغطاء والحماية المقدمة للإسرائيلي الذي عليه أن يعلم أنه حتى وإن تم التهجير فلن يحصل على الأمن والأمان، رغم ما يصرح به الساسة الامريكيون بأنهم ضد التهجير.

لقد كشفت حرب الإسرائيلي على الفلسطيني والسوري واللبناني واليمني والمصري، وعلى كل العرب، وجه الهولوكست الحقيقي المتمثل بالكراهية والحقد الذي لا حدود له، والدليل أنهم مازالوا يعتبرون الفلسطيني والعرب والعالم، وكل ماسواهم، حيوانات، وفقاً لما جاء في تلمودهم وتوراتهم بأن إلههم يهوا أو أدوناي جسد خلق اليهود من جوهره واعتبر أن غيرهم من البشر خلقوا من نطفة حمار، فالحرب في أوكرانيا والعديد من مناطق العالم التي جرى أو يجري أو يخطط أن يجري فيها يعطينا الشكل النهائي لهذا الوجه المستند إلى القوة والبقاء للأقوى على حساب الاخلاق والروحانيات الحقيقية، وكأن العالم اليوم بلا عدالة، بلا قوانين أو قواعد يُحتكم إليها، ويظهر ألا وجود للأمم المتحدة ومجلس أمنها إلا بما يمليه أو يعترض عليه مجموعة الخمس دائمو العضوية فيه، وفي الشكل فإن هذه الهيئات لا تمثل  إلا غطاء ودعماً لشعار سيطرة الأقوى والهيمنة على العالم من خلال حروبهم المفتعلة.

الهولوكوست صناعة إسرائيلية بامتياز، مستمرة حتى اللحظة التي أخط بها هذه الكلمات، وقد أوجدوا لأجل ذلك محاكم جرائم الإبادة الجماعية، وهم متهمون اليوم من سواد العالم، وفي ذات المحاكم، بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. 



عدد المشاهدات: 403

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى