مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

الدكتور نبيل طعمة يكتب ... الاحتمالات بلا سقف

الأربعاء, 21 شباط, 2024


تتوالد وتتصاعد وتتحول وتتمحور، لا حضور للواقعية بسبب أو بدونه، يبدو أن الأغلبية لا ترغب بمتابعتها ولا الأخذ بها، المستقبل العربي مخدّر إلى حدٍّ كبير، ويتعرض بشكل دائم للاختراق من القوى صاحبة التأثير التي تنال من وجدانه وأخلاقه وقيمه وعاداته وتقاليده، هذا يأخذ به إلى الميمنة، ويهمس في أذنه بأن الميسرة خطر كبير عليه، والعكس صحيح، وذاك يتجه به إلى الشمال وآخر إلى الجنوب، بينما العرب تائهون، كما هو حال دول العالم دون استثناء، والكل يسأل بعضه البعض: من نحن وأين نحن ومع من نحن؟ عالم الشمال برمته، ودون استثناء، ومعه الكثير من عالم الجنوب وبعض من العرب لم ينقلبوا على "إسرائيل" الدولة الوليدة بقرار أممي والذي  أيدته في حينها،  وبتاريخ 15 أيار 1948، كل القوى العظمى، دون أن يكون للعرب حينها حول ولا قوة، بل على العكس حيث أسهم بعضهم بشكل أو بآخر بولادتها، وقد أدى هذا الواقع إلى اندحار للقيم في السياسة الدولية الإقليمية، وهنا أصبحت الاحتمالات بلا سقف، فما تهتم به البشرية البسيطة لا يكمن في الأشياء المبهرة أو الجميلة، كونها تمر بحالات لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، من إرهاب الكل للكل وقتل ودماء مهدورة، وتدمير ممنهج للمادي واللا مادي وانتشار للأحقاد والكراهية، وبالنتيجة يبقى المشهد العام والخاص أكثر من سيّىء لانغماس الجميع في حروب دون أسباب، أوجدوا لها أسباباً وصراعات وصنّعوا لها أنياباً، وفي النتيجة، وللمرة الأولى في تاريخ البشرية، لا وجود لأبطال ولا لقائد حقيقي لهذه الأحداث، أو لقادة  يتحركون ضمن الأحداث ويحركونها، لذلك أخذ الناس يتهامسون في سرهم وبين بعضهم عن ضرورة وجودٍ لبطل عالمي، أوعن ذاك الذي يخالف كل ما يجري على سطح كوكبنا الحي، ويعيد لهم إنسانيتهم أو ،على أقل تقدير، توافقهم على وجود آمن لهم، حتى وإن كان بالحد الأدنى، أي بطل مخلص ينهي الحروب ويمنح العدالة والتسامح لسكان هذا الكوكب، حتى وإن كانت بشكل مؤقت أو على سبيل الاستراحة.    
ليس هناك مشكلة دون حل، ورغم أن الحل هنا يبدو سطحياً أو عابراً، ولكن لا بد من التعمق في جذورها التي بها يكمن جوهر هذا الحل.
قد نتفق أو نختلف مع ما أطرحه، إلا أن وجود عالم من الفوضى غير الخلاقة يقودني إلى ضرورة مواجهة ما نراه من تطرف عائم على السطح الفكري العام، فغزة بلا ملامح وكييف بلا عنوان وتايوان تنتظر دورها، ولا يمكن لملمة انفراط عقد السودان، وخيانة الأوطان غدت إحدى قواعد الشعوب، كيف بنا نعلق أو نرد على كل هذا الاستفزاز العالمي الذي إن لم يتم حسمه وفق التوافق العالمي فلا معنى هنا لوجود للأمم المتحدة ولا لمجلس الأمن ولا لمقرراته ولا لمنظماته، الاحتمالات غدت بلا سقف بسبب التضليل الإعلامي الهائل، بقصد أو بدون قصد، نتاج الخداع السياسي المقرون بالدعم الديني المبرمج، لا أحد يريد أن يتحدث عن الواقع ويفصّل في أسبابه التي أدت إليه، بل يطلبون في الشرح بيان كيفية الابتعاد عن جوهر الصراعات العربية - العربية وصراع بعض العرب مع الإسرائيليين؛ الذين لم يكن لهم في التاريخ العربي الإسلامي والمسيحي وجود إلا ضمن حصون وقلاع وما جاء في تفاسير توراتهم وتلمودهم عن ممالكهم الصغيرة، وندخل باحثين عن دوافع الحرب الروسية – الروسية "أوكرانيا" بكونها جزء من روسيا الأم، والتحضيرات الجارية حول كيفية تحويل النزاع بين الصين والصين "تايوان" في آسيا إلى صراع لا ينتهي، الكل يريد حسم هذه الصراعات والنزاعات بالحروب أو بغيرها، دون أن يرغب الغرب المؤسس لها والأمريكي حصراً في حلّها، كيف يمكن أن يحصل هذا ولمصلحة من؟ تفكروا في العنوان الذي اخترته لهذه المادة؛ والذي يثير العديد من الأسئلة التي تبحث عن إجابات لها قد تجدونها في المجهول من السياسة العالمية التي تدمر السقوف على الدول والشعوب بغية إدارتها وفق مبتغاها، باستثناء حفنة صممت على أن تكسب كل شيء أو تحرق كل شيء، بينما تحاول الشعوب الانتصار على الأحداث ومعها تحاول الانتصار للحياة، لأنها تعتبر أن وجودها قضية تتراوح بين الحياة الثمينة أو الموت الأخلاقي المشرف، ومن المؤكد هنا أن الحياة المسكونة ضمن الأحياء المؤمنة بالحياة هي التي ستنتصر.
انتشرت الاحتمالات نتاج سقوط السقف، وهذا ما يريده أولئك المتلاعبون بمعاني الحرام والحلال والجلال والجمال، وتوزيع صكوك الغفران والوطنية دون انتماء، لم يعد للمبادئ ثبات ولا للقيم أسس ولا للولاء قواعد واحترام، بل تبعية وخيانة، الكل منخرط في البحث عن الغنائم وجنيها والسطو عليها، ومن هنا سقطت سقوف السياسة وابتلعتها الأفكار الليبرالية لمصلحة الفردية، وانتهت قيم الإنسانية التي نشأ عليها الأفراد والمجتمعات، وانتهت معها قواعد التعاملات مع الآخرين، واتجه الكل لاستعمال مبدأي القوة الناعمة والقوة الخشنة؛ وكلتاهما تسعيان لإسقاط كل أسقف الاحتمالات
د. نبيل طعمة
 


عدد المشاهدات: 291

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى