قانون الأحوال الشخصية وتطبيقاته .. بين الماضي والحاضر والمستقبل .. الثلاثاء, 5 أيار, 2015 قانون الأحوال الشخصية وتطبيقاته .. بين الماضي والحاضر والمستقبل ..
ورقة عمل الأستاذة مي عيسى
الأسرة هي الركن الأساسي والخلية التي تبنى من خلالها المجتمعات برمتها وحيث أن الدولة تكفلت بحمايتها بنص الدستور وفقاً لقوانين صدرت بما يتلاءم معها. وبما أن قانون الأحوال الشخصية هو القانون المعني بالإنسان بشكل خاص لأنه يتصل بشخص المرء وبكيان الأسرة، أما القوانين الأخرى كالقانون المدني، التجاري، العقوبات.... الخ فهي قوانين عامة . وبما أن مصدر هذا القانون هو الشريعة الإسلامية التي تبقى منبعاً لا ينضب ويصلح لكل زمان ومكان. لذلك فإنه عند وضع أي قانون أو تشريع وصدور اجتهاد معين في مسألة ما في أي عصر،نجده يتناسب وروح العصرالذي ولد فيه ووضع من أجله آخذاً بعين الاعتبار الحالات الموجودة على أرض الواقع والتي يبحث لها عن حل ليأتي النص حكماً لها حين الخلافات بين الناس، ويصبح مرجعاً قانونياً يستند إليه عند الحكم في مثل هذه الحالات . لكن ومع تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتعدد وتشعب مجالاتها العلمية بالإضافة إلى ازدياد الاختلاط بين الناس، نجد أن ما وضع في زمن سابق، يصبح قاصراً بل وأحياناً عاجزاً عن مجاراة حالات جديدة لم يتطرق إليها النص الذي وجد فيه هذا القانون وأصبح مرجعاً للجميع. ومن هنا نشأ الخلاف وتوسع بين المقاضين من جهة ,وبين المتقاضين للحاكم من جهة ثانية، وهنا برزت الحاجة الملحة للاجتهاد كونه أحد مصادر التشريع ويوافق الحالات الجديدة والمطروحة على حيز الواقع آخذاً بعين الاعتبار الزمان والمكان في كل حالة على حده. وهنا لابد من تقديم الشكر الجزيل بالعرفان بالجميل لمن قام بإغناء القضاء السوري بمثل هذه الاجتهادات القيمة لتكون مرجعاً لمن أراد عند الحاجة إليها، ألا وهم قضاة محكمة النقض الأفاضل . لذلك ولمواكبة تطور حياة المواطنين فإننا نتناول من خلال دراسة على حلقات تحليلية تطبيقية لبحث وتدقيق قانون الأحوال الشخصية رقم /34/ الصادر لعام 1975 والمعدل لقانون الأحوال الشخصية رقم \ 59 \ لعام 1953 ، مادة تلو الأخرى تبين فيها سلبياتها وايجابياتها وكيفية تطبيقها على أرض الواقع وذلك من خلال الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الشرعية في القطر العربي السوري الحبيب، مع تمنياتنا بتقديم ماهو أفضل ليتلاءم مع روح العصر، حيث كثرت الحاجة إلى التجديد يوماً بعد يوم، تبعاً لتغيرات الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي غزت وللأسف البشر من داخلهم مما زاد في لجوئهم إلى المحاكم متذمرين في أكثر الأحيان لأن القضاء لم ينصفهم حتى ولو كان هذا مجرد إحساس لديهم فقط, فآمل من الله عز وجل أن يوفقنا لما هو خير العباد, فإذا نجحنا فهذا واجب تحمله علينا مسؤوليتنا تجاه الجميع ، وإذا فشلنا يكفينا أننا حاولنا. المادة الثانية من القانون رقم \ 34 \ لعام 1975 نصت على ما يلي: تعدل المادة \ 17 \ وتصبح كما يلي: مادة 17- للقاضي أن لا يأذن للمتزوج بأن يتزوج على امرأته إلا إذا كان لديه مسوغ شرعي وكان الزوج قادراً على نفقتهما . بالعودة إلى الواقع العملي لتطبيق هذه المادة من خلال المحاكم الشرعية عموماً ، نجد بأن القاضي الشرعي يكتفي بسؤال الزوج إن كان لديه القدرة على الإنفاق على زوجتين، وفي مطلق الأحوال فإن الزوج يجيب بنعم. لكننا وللأسف لم نسمع عن أي مبادرة بتكليف الزوج بإثبات هذه القدرة على الإنفاق إن كان لجهة المصدر أم لجهة السكن المستقل الذي يفترض وجوده قانوناً. لذلك وبرأي فإن الزوجة الأولى التي ستأتيها شريكة لها بكل شيء، فهي الأقدر على تحديد مستوى المعيشة التي يستطيع زوجها تأمينه للأخرى. طبعاً أنا أعلم علم اليقين بأن الاحتجاج على مثل هذا الطرح سيكون شديداً كون المرأة لن تكون بطبيعتها منصفة بهذا الخصوص لأن الأمر يتعلق بزوجها وبزواجه من أخرى غيرها وأن ذا الاحتجاج مقبول بطبيعته. لذلك فإن اللجوء لحل هذا الإشكال يكون عن طريق تطبيق قواعد الإثبات المقبولة قانوناً للوصول إلى الحقيقة ولضمان حسن سير و استمرار واستقرار الحياة الزوجية لكلا الزوجين . أما مسألة المسوغ الشرعي فلقد ظلت حبراً على ورق باستثناء حالات نادرة جداً إذا صح التعبير وذلك عندما تكون الزوجة الأولى مصابة بمرض عضال يمنعها من متابعة حياتها الزوجية الشرعية . لكن المحاكم اكتفت في تطبيق هذه المادة بشكل عملي حين عقد قران أو تثبيت زواج بتدوين عبارة (العلم بوجود ضرة) في حقل الشروط الخاصة المدونة في نموذج صك الزواج . وبرأينا الشخصي لابد من الحصول على موافقة صريحة من الزوجة الأولى، إما بوثيقة خطية صادرة عنها أو بحضورها أو من يمثلها شخصياًَ أمام القاضي الشرعي أو ينوب عنها لتبدي موافقتها على إدخال شريك جديد إلى أسرتها. لكن وبكل أسف وأسى نقول، إن هذه الافتراضات لم تتم ولن تتم وذلك بسبب عوامل عدة لا يتسع المجال لذكرها، ولكننا نستطيع أن نذكر أهمها وهي غيرة المرأة الشديدة على زوجها التي تمنعها من التلميح أوالتصريح بموافقتها على زواجه من أخرى غيرها ولو كانت تعلم علم اليقين بأن زواجه الثاني له ما يبرره، وأن الله عز وجل أحل له ما يريد. قال الله تعالى في كتابه العزيز سورة النساء الآية رقم 3 (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم وذلك أدنى ألا تعولوا). والعدالة التي نبحث عنها غير متحققة في كل الأحوال، والمتضررالوحيد المرأة نفسها سواء كانت الزوجة الأولى أو الثانية، والمستفيد الأول والأخير هو الرجل حتى لو لحقه بعض الضررالمعنوي في حال حدوث خلافات أسرية بينه وبين إحدى الزوجتين، ولكنه وبحسب طبيعته يستطيع تجاوزها دون أن تترك أثراً حتى في نفسه لأنه وعلى الأغلب يرمي بالآثار السلبية التي يقتنع بأن المرأة مصدرها، على المرأة نفسها التي كانت سبباً في ذلك، قانعاً نفسه بأنها العقوبة التي تستحقها وهي السبيل لردعها وضمان عدم تكرارها مستقبلاً. وللحقيقة نقول : إن هذا الموضوع يسوده ظلم اجتماعي يقع على المرأة غالباً، والظاهر للعيان أن الحقد الذي يتولد بين امرأتين بسبب اشتراكهما بالزواج من رجل واحد هو في الحقيقة القاسم المشترك الأعظم بينهما الذي دفعها باتجاهه، لأن إطلاق كلمة (الضرة) على كلا الزوجتين بصرف النظر عن ترتيب قدمها جاءت من كلمة الضرر أي الضرر لكلتيهما. حبذا لو أن الرجل يفكر قليلاً من وجهة نظر اجتماعية وأخلاقية واقتصادية وبادئ ذي بدء إنسانية قبل أن يفكر من وجهة نظر دينية لإرضاء رغباته، ليتساءل هل هو منصف؟.. طبعاً لن نقول هل هو عادل؟ لأن العدل من صفات الله عز وجل والعدل الحقيقي من الصعب أن نراه متحققاً بمدلوله الكامن على يد بشر، فما بالك على يد رجل متزوج من اثنتين ولا يعرف كيف السبيل لموازنة كفتي ميزانه، لكننا مع هذا لا بد أن نلتمس له بعض العذر في أكثر الأحيان. أضف إلى ذلك الآثار الناجمة عن الإنجاب من زوجتين، والمعضلات الناشئة بين الأخوة غير الأشقاء والخلافات المستقبلية التي تتولد مخلفة وراءها آثاراً لا تحمد عقباها في الأغلب. ومن الجدير بالذكر هنا وعند رغبة الرجل بالزواج من أخرى غير امرأته، أن يتخذ في قرارة نفسه قراراً بإنهاء حياته الزوجية السابقة مع المحافظة كافة الحقوق والواجبات التي يفرضها عليه القانون والتي يمليها عليه وجدانه تجاه زوجته وأولاده ليجعلهم بغنى عمن ينفق عليهم وعدم تركهم على قارعة الطريق عرضة لظروف لا يعلم بها إلا الله، عندها يستطيع البدء بحياة زوجية ثانية أو المحافظة على كلا الزوجتين مع ضمان حقوقهما الشرعية . لكي نكون قريبين من الواقع ومن العدل والإنصاف، لا بد من الإشارة إلى أن المرأة هي التي تسعى في أغلب الأحيان لتكون زوجة ثانية ضاربة عرض الحائط وجود زوجة وأولاد أولى منها بمن ستتزوجه، فهي التي توقظ فكرة الزواج الثاني في ذهن الرجل مخلفة وراءها كوارث اجتماعية وأسرية نتائجها غير محمودة العواقب. أما في حال امتناع القاضي الشرعي عن توثيق الزواج الثاني بصك زواج رسمي، تظهر وللأسف الشديد طرق التحايل على القانون بالقانون نفسه . حيث تلجأ الغالبية العظمى إلى إقامة دعوى تثبيت زواج وأحياناً تثبيت زواج ونسب بحجة أن الزواج تم خارج المحكمة الشرعية والزوجة الثانية حامل، والشهود جاهزون للإدلاء بشهادتهم أمام المحكمة الشرعية واضعين يدهم على كتاب الله بأن ما كتب في استدعاء الدعوى صحيحاً ملتمسين لضمائرهم عذراً ولأرواحهم المغفرة من الله عز وجل كونهم ستروا عرضاً. أضف إلى ذلك إقرار الزوج أمام المحاكم الشرعية بأن ما ادعت به الزوجة الثانية صحيح ولا غبار عليه، وهنا لا يستطيع القاضي الشرعي إلا إصدار قراره بتثبيت مثل هذا الزواج لأن الإقرار سيد الأدلة، وفي معظم هذه الحالات يكون هذا الزواج سرياً ولا علم للزوجة الأولى به. وبكل أسف وأسى لا بد هنا من وقفة اجتماعية وإنسانية حول ما يحدث في السنوات الأخيرة حيث درجت العادة بين شباب وشابات هذا اليوم بإجراء الزواج الأول سرياً وبشروط لا يعلمها إلا الله وحده. ولو فكرنا بواقعية وتمعنا بالظروف التي دفعتهم لما أقدموا عليه، هل نستطيع التماس بعض العذر نظراً للظروف الاقتصادية الضاغطة التي تحكمهم وتمنعهم من تأمين أعباء الزواج بالشكل العلني والمتعارف عليه تقليدياً واجتماعياً. والواضح هنا أننا حملنا أعباء ومسؤولية الزواج المادية لكلا الطرفين تطبيقاً لقوله تعالى:(الرجال قوامون على النساء). نعود لنأسف ونختم ما أسفنا عليه ونقول لم يعد بالإمكان تطبيق ما ذكرناه تبعاً لمتغيرات العصر والتطورات التي حدثت في بلدنا الحبيب، خاصة ذاك التطور الذي دخل حياة أغلبية النساء فكان لا بد من دفع تلك الضريبة ولو كانت قيمتها باهظة. إن دراسة الحقوق التي تتمتع بها المرأة من كافة جوانبها المدنية والشرعية، ومعالجة النواقص فيها واستكمالها، يؤدي بدوره إلى إعطاء مجتمع سليم، أبناؤه أصحاء من تلك النظرة المعقدة إلى المرأة عبر العصور القديمة والمتراكمة توارثاً حتى يومنا هذا في بعض العقول التي لا زالت تعتبرها أداة ضعيفة، قادرون على فهم ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات تجاه أسرهم وصولاً إلى المجتمع والوطن الذي ينتمون إليه . لقد قال الشاعر أحمد شوقي في ذلك: قم ابن الأمهات على أسـاس ولا تبن الحصون ولا القلاعـا فهن يلدن للقصب المذاكــي وهن يلدن للغاب السبــاعـا رأيت محامد الأخلاق شــتى جمعن فكن في اللفظ الرضاعا والإسلام كان من أهم مهامه وضع المرأة، ابنة وزوجة وأماً وشقيقة، فمنحها الحقوق وأسقط عنها ما كان يرهقها قبل مجيئه وذلك استناداً إلى تعاليم الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم. وفي عصرنا هذا اختلفت النظرة جذرياً إلى المرأة، وتبوأت أعلى المناصب وذلك كله برعاية الرئيس الراحل الخالد في قلوبنا وعقولنا سيادة الرئيس حافظ الأسد، حيث يستحضرني هنا مثال على ما قاله في المرأة : (المرأة هي الأم، والمرأة هي الزوج، والمرأة هي الأخت والمرأة هي الابنة، المرأة هي كل أولئك. إذا كنا نريد لبلادنا أن تنمو وتزدهر، ولشعبنا أن يحقق التقدم والنصر، فلا بد أن تأخذ المرأة دورها كاملاً .. وان تتهيأ لها كل العوامل التي تمكنها من أخذ هذا الدور، وما لم تأخذ المرأة مكانها الطبيعي في مجتمعنا، فإن ثغرة واسعة ستظل في كياننا تشكل منفذاً لكل عدو يريد أن يتسلل إلى قلب الوطن والشعب..). النفقة الزوجية: من أهم حقوق الزوجة على زوجها من بعد المهر.. النفقة وأساس ثبوتها على زوجها قوله تعالى(وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها ولا تضار والدة بولدها ولا مولود بولده وعلى الوارث مثل ذلك..) سورة البقرة آية 233. فالنفقة تجب على الزوج لزوجته من حين العقد الصحيح، لأن الإسلام جعل غاية الزواج هي التواد والتراحم بين الزوجين وذلك تصديقاً لقوله تعالى( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة). فأسمى مبادئ الزواج حسن المعاشرة التي توجب تحمل كل من الزوجين للآخر في السراء والضراء .
ولقد عرفت المادة 71 من قانون الأحوال الشخصية ما المقصود بالنفقة الزوجية, حيث جاء فيها :
أي يجب أن تغطي النفقة المفروضة على الزوج الملتزم بها شرعاً وقانوناً تجاه زوجته كل ماتم ذكره في نص المادة بصورة كافية على ضوء واقع تكاليف المعيشة التي يعرفها الجميع مع الإشارة إلى أنها يجب أن تكون متناسبة مع الوضع المادي للزوج ودخله على ألا تقل عن حد الكفاية أو بعبارة أصح الحد المعقول والمقبول لاستمرار الحياة اليومية وذلك عملاً بالنص القرآني الكريم :( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرٍٍٍ يسراً ) الطلاق 7 . في هذه الحلقة سنتناول بالبحث المواد المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية رقم \34\ الصادربتاريخ 31\5\1975 والمعدل لقانون الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم \59\ تاريخ 17\9\1953 مادة تلو الأخرى، موضحين ما أمكن ما لها وماعليها وكيفية تطبيقها بشكل عملي، والسلطة التقديرية الممنوحة لسيادة القاضي الشرعي وفقاً للقانون، هل ما زالت هذه المواد ومن خلال التطبيق الواقعي لها تتناسب مع احتياجات هذا العصرالذي نحن في سباق فيه مع الزمن الذي إن لم نقطعه قطعنا كسيف مستل فوق رؤوسنا؟.... وهل الحالات المطروحة أمام المحاكم الشرعية وبشكل شبه يومي وطبقاً لواقع الحياة العملية وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتطور الحياة الاقتصادية بشكل عام، مازلنا من خلال هذه المواد نحقق الغاية المرجوة من التشريع !. أم نحن مازلنا بحاجة للتحديث والتطوير ؟ وهذه الحاجة تبدو ملحة وخير دليل على ذلك كثرة الاجتهادات القضائية الصادرة عن الغرفة الشرعية في محكمة النقض، جزاهم الله خيراً فيما أفاضوا النصوص من تفسيرات واجتهادات أغنت التشريع. لكننا اليوم أصبحنا بحاجة لمواد قانونية تشمل جميع الاجتهادات وتغطي حاجات العصر الجديدة المتطورة يوماً بعد يوم بحاجة لتعديل النص المعدل والذي نحن بصدد بحثه تماشيا مع تكاليف المعيشة المعروفة من قبل الجميع والتي لم تعد كما كانت في السابق وخاصة بالنسبة لمدة زمنية تجاوزت النصف قرن أو الربع قرن سواء للقانون القديم أو الجديد المعدل لبعض مواده والذي مازلنا نعمل به حتى تاريخه. سنأتي الآن على ذكر المواد المعدلة كما وردت بالترتيب: المادة \ 7 \ تعدل المادة \ 73 \ وتصبح كما يلي : م 73 – يسقط حق الزوجة في النفقة إذا عملت خارج البيت دون إذن زوجها. المادة \ 8 \ تعدل المادة \ 76 \ وتصبح كما يلي: م 76 – تقدر النفقة للزوجة على زوجها بحسب حال الزوج يسراً وعسراً مهما كانت حالة الزوجة على أن لا تقل عن حد الكفاية للمرأة. المادة \ 9 \ تضاف إلى المادة \ 81 \ العبارة التالية : (وللقاضي عند تقدير النفقة لأولاد الشهداء ومن في حكمهم أن يستأنس في القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أو من يقوم مقامه، ويكون تحديد الشهداء ومن في حكمهم وفق قوانين وزارة الدفاع وأنظمتها). وهنا نلاحظ بأن قانون الأحوال الشخصية رقم \ 34 \ الصادر في عام 1975 قد عدل مادتين فقط, وهما :
الزوجة التي تعمل خارج البيت نهاراً وعند الزوج ليلاً إذا منعها من الخروج وخرجت فلا نفقة لها.
تقدر النفقة للزوجة على زوجها بحسب الحال للزوج يسراً أو عسراً مهما كانت حالة الزوجة على أن لا تقل عن الحد لأدنى لكفاية المرأة. وعند إلقاء نظرة على التعديل بالنسبة للمادة الأولى، نلاحظ أنه اعتبر عمل المرأة خارج البيت دون إذن زوجها يسقط النفقة عنها, أي تم تضييق الخناق عليها مع تطور الحياة. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن والذي لابد من طرحه ، ما هي الغاية من النفقة ؟ ومن الذي يقرر تحقيق هذه الغاية لنستطيع إدراك إذا كانت المرأة بحاجة لأن تعمل أم لا ؟ الغاية من النفقة هو أن يكفي الزوج زوجته من الأمور الواردة في النص القانوني ، فمن يقرر هل هي بحاجة لأن تعمل ؟ مع تطور الحياة ومشاركة المرأة للرجل بكل شيء، وعمل المرأة أصبح ضرورة ليس فقط لتغطية احتياجاتها اليومية وإنما للمشاركة بالمسؤولية وتحمل الأعباء جنباً إلى جنب مع الرجل كعضو فعال في مجتمع لا يمكن الاستغناء فيه عن المرأة ، هذه المرأة التي وصلت إلى المشاركة في صنع القرار السياسي ، فهل نعود بهل لنجعلها رهينة في المنزل !!؟ إن الله عز وجل في كتابه العزيز أراد تكريم المرأة وأوجب نفقتها على الرجل بمجرد العقد الصحيح وليس هناك تمييز إن كانت تعمل أو لا تعمل. فإذا تركنا القرار بيد الرجل؟ فإذا كان متعنتاً بقراره أو مقصراً في منزله أو عاجزاً في بعض الأحيان عن تقديم حتى الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة اليومية، فهل نترك زوجته وأسرته يخضعون لهذه الظروف لأن القرار بيده عصا يلوح بها متى يشاء ؟.. أم نترك القرار بيد سيادة القاضي الشرعي؟ وبناء على ذلك، لابد من الإثبات الواجب من قبل الزوجة بعدم الإنفاق عليها، وهذه من الأمورالموضوعية التي يعود أمر تقديرها لفضيلة القاضي الشرعي، عدا عن أنها واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة وسائل الإثبات ومن بينها البنية الشخصية أي شهادات الشهود . هل يعقل أن تأتي الزوجة بجيرانها على سبيل المثال لتثبت لهم بأن زوجها لا ينفق عليها ؟ وهذا التصرف برأيي فيه كشف عن الخصوصية التي يجب أن تتمتع بها الأسرة، وفيه تجاوز لما أوصى به الإسلام والشرع والأخلاق في الحرص على هذه الخلية . لذلك لابد من اتفاق مسبق. وعقدالزواج كغيره من العقود، والعقد شريعة المتعاقدين، وبما أن الزوجين لأن عمل المرأة من الأمور الخاصة بها وحدها وهي التي تستطيع أن تقدر إن كان بإمكانها العمل وتكوين أسرة أم لا، وإن كانت ستتابع في عملها أم لا ؟ ففي حال الاتفاق، لا يعد الأمر بيد الزوج يهددها متى أراد لحرمانها من النفقة واعتبارها ناشزاً في كثير من الأحيان بنظر القانون لمجرد أنها امرأة عاملة بغض النظر عن طبيعة العمل الذي تمارسه. وإذا لم نأخذ هذا الأمر على محمل الجدية فهذا يعني أننا نعود إلى الوراء لعهود طواها الزمان ونسيها، وكيف يكون هذا ونحن في القرن الواحد والعشرين، عصرالكومبيوتر والإنترنت والفضائيات، في عصر ازدهار العلم والعلماء من كافة الأجناس. كيف هذه النظرة الدونية للمرأة إن لم تستطع التحكم بأمر يتعلق بها وحدها، حرصاً منها على بناء أولاد أصحاء وأسرة قوية، خاصة إذا كان دخل الزوج لا يكفي، أو كان الزوج ينفق دخله على أمور تخصه بعيداً عنها وعن أسرتها معرضاً إياهم لحياة معيشية شحيحة . كل ما ذكرناه جائز وممكن ومعقول لذلك لابد من التريث وإصدار ما يتناسب مع روح العصر وتطور الحياة المعيشية . أما بالنسبة للتعديل الوارد على المادة الثانية، فقد راعى المشرع أن لا تقل النفقة عن حد الكفاية للمرأة . لكن ما المقصود بحد الكفاية ؟ وهل هناك معيار لهذا الحد ؟ وفي حال وجوده من يقرر هذا ؟ إن حد الكفاية مهما حاولنا الوقوف عند هذه العبارة فإننا لا نستطيع الخروج منها بشيء، وإن النفقة التي تفرض للزوجة على زوجها ومن خلال الإطلاع على الحالات المعروضة أمام المحاكم الشرعية فهي لا تتجاوز الألف(1000) ليرة سورية شهرياً مهما كان دخل الزوج. وللأسف الشديد فهذا يعني أنها ما زالت دون الحد الأدنى للكفاية نظراً لغلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة . فهل يكفي هذا المبلغ البسيط ( تأمين السكن، اللباس، الطعام، التداوي ..الخ ) هو حقيقة لا يكفي لشراء ربطة من الخبز بشكل يومي فما بالك بالأمورالأخرى؟ وهذا القرار الصادر عن فضيلة القاضي الشرعي بتقدير النفقة يعود تقديره له وحده ولا يخضع لرقابة محكمة النقض إلا إذا كانت النفقة المفروضة دون حد الكفاية بكثير لضمان سلامة التقدير وبقائه في حده الصحيح . إن الاجتهادات القضائية الصادرة عن محكمة النقض غطت حالات الزيادة والنقص وأجازتها بتبديل حال الزوج وأسعار البلد تماشياً مع النصوص القانونية . وفي حال تجاوز حد الكفاية يجب إثبات يسار الزوج . إن هذه الحالات من الأمور الموضوعية التي تجعل حرية القاضي بتقدير النفقة برأيي مستقلة بعكس الاجتهادات التي اعتبرتها مقيدة بأن لا تقل عن حد الكفاية مهما كان الزوج فقيراً،لأننا كما سبق ونوهنا بعدم وجود معيار لحد الكفاية وعلى القاضي الاستئناس برأي أهل الخبرة توافقاً مع نص المادة 81 من قانون الأحوال الشخصية لكن هذا النص معطل ولا يعمل به. ولو أن سيادة القاضي الشرعي انطلق في تقدير النفقة من مصروفه اليومي لأدرك ما تحتاجه الزوجة من مستلزمات يومية لا يغطيها هذا المبلغ البسيط الذي يحكم به . وهنا لابد من إيراد الملاحظات التالية :
وامتناعها يعتبر بحق حسب نص المادة 72 من هذا القانون ما دام الزوج لم يدفع معجل المهر أو لم يهيئ المسكن الشرعي .
ونخلص من ذلك إلى القول ، بأن النفقة الزوجية تستحق : 1- حال الامتناع عن الإنفاق أو التقصير وهذا ما تعرضنا له بداية . 2- إذا كان معجل مهرها غير مقبوض أو السكن الشرعي غير مؤمن، وهذا ما سنتعرض له وإن محكمة النقض مشكورة للاجتهادات الكثيرة التي أغنتنا بها حول هذه النقطة . حيث اعتبر انشغال ذمة الزوج بمعجل المهر أو جزء منه يجعل الزوجة مستحقة للنفقة سواء تمسكت به أم لم تتمسك لأنه حق مصدره القانون . وسواء ثبت الطرد أم لم يثبت، لأن خروجها من المسكن الشرعي لا يعتبر نشوزاً طالما لم تستوف كامل معجل مهرها، ولها في مثل هذه الحالة وحسب الاجتهادات (حق الاحتباس عن زوجها ومغادرة منزله ولو كان شرعياً وتقاضي النفقة طالما لم تستوف معجل صداقها) فمجرد انشغال ذمة الزوج بشيء من معجل المهر يكفي لترك الزوجة دار الزوجية وتقاضي النفقة منه . وهنا لابد من الوقوف ملياً لمعرفة الغاية التي توخاها المشرع والتي أدت إلى التفريق بين من قبضت معجل مهرها ومن لم تقبضه، وذلك حرصاً منه على أداء المرأة لكافة حقوقها. لكن هذه الغاية بالنسبة لمعجل المهر تختلف عن الغاية المرجوة من النفقة، وهي التواد والتراحم بين الطرفين وتكوين خلية أسروية صالحة لبناء مجتمع سليم . وهذه الغاية برأيي الشخصي تعتبر غير متحققة في حال عدم الإنفاق سواء قبضت المرأة معجل مهرها أم لم تقبضه، ولا تعتبر كافية لاعتبارها ناشزاً إذا غادرت المسكن الشرعي في حال عدم إنفاق زوجها عليها ولو كان معجل مهرها مقبوضاً. إذاً .. كيف تستمر الحياة الزوجية بين الطرفين بدون أن تكون متطلبات هذه الحياة موجودة أساساً ؟ هل يمكن اعتبار هذا مسوغاً لاعتبار من لم تقبض مهرها المعجل أحق أو صاحبة حق أكثر بالتفضيل قانوناً بالحكم لها بالنفقة والمطالبة به عن طريق القضاء من تلك التي قبضت معجل مهرها ؟ وهل هذا يخول الزوجة ترك دار الزوجية لحظة تشاء ؟ إن هذا ليس حلاً، ولا مسوغاً، لأننا والحالة هذه نفتح الباب على مصراعيه لتبرير خروج المرأة من دارالزوجية وتركها لزوجها وأولادها أحياناً لمجرد أن معجل مهرها أو جزء منه ما زال في ذمة الزوج. لذلك لابد من حل هذه المعضلة إن صح التعبير بشيء من التفصيل والتدقيق والتمحيص للمحافظة من جهة على حق المرأة الذي أعطاها إياه القانون، ومن جهة أخرى للمحافظة على كيان الأسرة بشكل مستقل وعدم تركه عرضة لأهواء أي من الطرفين. فقي حال عمل المرأة تركنا الأمر بيد الرجل. وفي حال قبض معجل المهر ..تركنا الأمر بيد المرأة . ونكون دخلنا في متاهات لا نستطيع الخروج منها لتأمين الغاية المرجوة من الشرع والذي نستمد تعاليمه من نصوص القرآن الكريم ، فالغاية من الزواج هو الاستقرار والمعاشرة الزوجية التي تخلو من تلك الإشكالات التي لا مجال لذكرها جميعاً . لهذا لابد من حسم هذا الأمر واعتبار كل معضلة لها حل يمكن الركون إليه، والسعي دائماً إلى تحقيق الغاية من التشريع وأن نتعامل مع النص بما يضمن ما جاء لأجله وليس للحفاظ على حقوق أحد الطرفين وهدر حقوق الطرف الآخر . وأريد أن أذكر وعلى سبيل المثال، وبكثير من الاستغراب والدهشة ما يلي: إن إقامة دعوى التزاني على الزوجة لا تمنع من استحقاقها النفقة وحتى في حال ثبوت الزنا فإنه يؤثر في موضوع التفريق بين الزوجين ومن هو المسيء. أما طلب النفقة للزوجة من زوجها يبقى حقها فيها قائماً حتى فصم عرى الزوجية، أو إثبات النشوز الموجب لإسقاط النفقة. اجتهاد محكمة النقض فهل يعقل أن تبقى النفقة بوجود فعل الزنا، بينما عمل المرأة خارج المنزل يسقط النفقة عنها دون إذن الزوج؟ هل يمكن مع ما وصلنا إليه من تطور وحضارة، ما زلنا في زمن نعتبر فيه عمل المرأة أشد وقعاً وفظاظة على المجتمع من فعل الزنا ويوجب إسقاط النفقة عنها. برأيي الشخصي والمتواضع فإنني أقول: إذا كانت هاتان المادتان المعدلتان قد اشتملتا ما اشتملت عليه، وقد غاصت بل وأغرقت بالاجتهادات القضائية سعياً للوصول إلى الحل الأمثل ، فما بالنا بالنصوص القديمة والتي ما زالت على حالها بالنسبة لهذا الموضوع وغيره والتي ما زال معمولاً بها منذ عام 1953 ؟ إن استمرار الحياة يفرض على كل فرد فينا وخاصة العاملين في مجال القانون، لإبداء الرأي وإسداء ما يمكن من العون للوصول إلى تحقيق الغاية المرجوة من التشريع بالسير والسعي نحو مجتمع أفضل. أما بالنسبة للمادة 81 والمضاف إليها ما يتعلق بأبناء الشهداء ومن في حكمهم. فهنا لابد من وقفة شكر وامتنان للرئيس الخالد في قلوبنا وعقولنا حافظ الأسد لما كان له من فضل وسعي دؤوب في شؤون أبناء الشهداء. حتى غدت مقولته الرائعة: "الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر" قانوناً إنسانياً وزاد في تكريم الشهداء حتى أطلق أسماؤهم على المدارس والشوارع والمؤسسات ورعى أبناؤهم حين أقام لهم المدارس وله في كل عام جولات عليهم تكريماً لهم . لذلك أصبح هناك مكاتب تعنى بشؤونهم وترعى مصالحهم، وكان لابد من إضافة هذه المادة تماشياً مع ما وصلنا إليه بفضل هذا القائد التاريخي العظيم. وإن هذه المادة تلزم القاضي الشرعي بالاستعانة بمكتب الشهداء في القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أو من يقوم مقامه لتقدير النفقة لأولاد الشهداء. لكن وللأسف الشديد فإن التطبيق غير النص، وإن غالبية المحاكم الشرعية لا تراعي مثل هذه الأمور، رغم أن تحديد عبارة الشهداء ومن في حكمهم لم يتركها النص مدار جدال لأن قوانين وزارة الدفاع وأنظمتها هي التي تحدد ذلك، أي على القاضي الشرعي في تحديد هذه الأمور العودة إلى تلك القوانين الخاصة وإلى مكتب شؤون الشهداء لتقدير النفقة الواجبة.
انحلال الزواج الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً, غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة،(المادة رقم(1) من قانون الأحوال الشخصية) والطلاق وجد مع وجود الزواج كونه فصما لعرى الزوجية، أي التفريق بين الرجل والمرأة في استحالة دوام العشرة بينهما. ومحل الطلاق(المرأة من نكاح صحيح أوالمعتدة من طلاق رجعي)(المادة رقم 86 من نفس القانون). والطلاق يتم عادة من قبل الرجل أو من قبل المرأة أو بإرادة الطرفين وذلك باللجوء إلى المحاكم لإقامة دعاوى للتفريق لأسباب معينة فقط وهي(العلل ـ الغيبة ـ عدم الاتفاق ـ الشقاق) وذلك لإنهاء العقد. لقد شرع الله الطلاق في الإسلام عند تعذر بقاء الحياة الزوجية على حال صالحة تحقق الغاية المرجوة منها. فأساسه في الشريعة الإسلامية محظور لكنه مباح عند الضرورة واستنفاذ طرق الإصلاح والحفاظ على الحياة الزوجية والأطفال حتى إذا بلغ حالة لم يعد من مجال لاستمرار فيها وجب التقيد بالشروط التي وضعها المشرع للحفاظ على حقوق المرأة والتعامل معها على أسس إنسانية. فلا يمكن بأي حال اعتبار عقد الزواج أبدياً لأن هذا يخرج عن قدرة البشر على التحمل لوجود الكثير من المسوغات التي تجعل الطلاق في بعض الأحيان ضرورة لابد منها. ولدقة هذا الأمر فإننا نجد أن النص القرآني أشار إلى مسائل الطلاق في أكثر من آية، نذكر على سبيل المثال بعضاً منها: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم)(البقرة : 226) (وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) (البقرة : 227) (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) (البقرة : 228) (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون) (البقرة : 230) ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)(البقرة: 229) (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) (البقرة: 241) إذا الأصل في الطلاق هو الحظر بما يفرض عليه من قيود ولما فيه من قطع لصلات الزواج والأسرة وهي الصلات التي تعلقت بها المصالح الدينية والدنيوية وجعل التوصية بالكره أقرب إلى التحريم باعتبار الطلاق (أبغض الحلال إلى الله) كما نسب للرسول الكريم(r). وحالة الاضطرار فيه لا تسقط طلباً للأسباب القاهرة التي تؤدي إليه كذريعة للظرف يمكن أن تتحول خيراً بالمعاشرة بالمعروف وهذه الحالة هي تفسير للأمر بالرجعة فالطلاق مرتان أما الطلاق بالثلاث فهو تأكيد وإصرار على الفراق لذلك جاءت أحكام هذا الطلاق أشد صرامة فلا يجوز الرجعة دون الزواج بآخر زواجا فعلياً لا شبهة فيه وبعقد صحيح ويشترط فيه ممارسة علاقة زوجية كاملة وهذا الأمر يرتقي إلى حالة الاستحالة بالرجعة في حال الطلاق الثالث لأنه أمر لا تتقبله سوية عادية والحكمة من هذا كله حتى لا يتم التلاعب بدائرة الحلال والحرام لأنها من حدود الله . ولكن العدالة الإلهية نصت على عدم جواز إمساك المرأة المطلقة ومنعها من الزواج بعد انقضاء عدتها. لكن بعض المسلمين لم يتمسكوا بأحكام الطلاق في الإسلام بل توسعوا فيه وخرجوا عن أصله فوضع الفقهاء القواعد على ما جرى عليه الناس أخذاً بالظاهر فأوقعوا الطلاق المعلق مطلقاً واليمين بالطلاق والطلاق الثلاث بكلمة واحدة الخ.. فصارت المرأة مهددة بالطلاق على الدوام لا تدري متى يقع ومتى لا يقع، وكذلك الرجل لا يدري متى يوقع الطلاق لأنه قد يحلف يمين الطلاق أو يذكره في ساعة غضب أو بيع سلعة أو دفع لتهمة أو توكيد لقول ولا يخطر في باله قط الرضى بالطلاق فتطلق إمرأته منه وهو غير مريد طلاقها .. ومن الحكمة الشرعية أن يفتح للناس باب الرحمة من الشريعة نفسها بالعودة إلى أصل حكم الطلاق ووضعه في الإسلام والأخذ منه ما يؤدي إلى جلب مصلحة عامة أو دفع لذلك فالمشرع نص على عدم وقوع طلاق المدهوش وعدم إيقاع الطلاق غير المنجز إلا بالبينة وألغى الطلاق الذي يقصد منه مجرد اليمين لتوثيق العزيمة على فعل مستقبل ونص على وقوع طلقة واحدة بالطلاق المقترن بعدد لفظا أو غشاوة .. واعتبر كل طلاق رجعياً إلا الطلاق على المال والمتمم لثلاث وأخذ بالتفريق بين الزوجين للأسباب التي ذكرناها سابقاً كما أوجب التعويض عن الطلاق التعسفي للمرأة الفقيرة. ورغم ذلك ما زلنا بحاجة للمزيد من هذه التعديلات للوصول إلى الغاية المرجوة من النص الذي وجد من أجل حالة معينة ليتناسب معها في كل زمان للخروج من دائرة العتمة إلى دائرة الضوء لنسلط أعيننا على مواقع الخطأ محاولين بذل الجهد للسير في التصحيح قدماً إلى الأمام فاتحين قلوبنا لاستيعاب جميع الحالات الاجتماعية المعروضة أمامنا واضعين أنفسنا لخدمة الإنسان والارتقاء به بإبعاده عن تلك المعضلات التي باتت تشكل هاجساً للغالبية العظمى من المواطنين وذلك بإعادة قراءة تلك النصوص قراءة جديدة تتناسب مع ما وصلنا إليه في عصرنا هذا ... لقد جاء في المادة ( 10 ) من القانون ( 34 ) لعام 1975 ما يلي: تدمج المادتان ( 87 و88 ) في مادة واحدة برقم (87) تصبح كما يلي: المادة 87 : 1- يقع الطلاق باللفظ والكتابة ويقع من العاجز عنهما بإشارته المعلومة . 2 ـ للزوج أن يوكل غيره بالتطليق وأن يفوض المرأة بتطليق نفسها . كما تم إضافة مادة جديدة .. المادة 11 من القانون ( 34 ) لعام 1975 : يستعاض عن المادة ( 88 ) المدمجة بالمادة ( 87 ) بالنص التالي : المادة 88 : 1 ـ إذا قدمت المحكمة معاملة طلاق أو معاملة مخالعة أجلها القاضي شهراً آملاً بالصلح . 2 ـ إذا أصر الزوج بعد انقضاء المهلة على الطلاق أو أصر الطرفان على المخالعة واعتبر الطلاق نافذاً من تاريخ إيقاعه. 4 ـ تشطب المعاملة بمرور ثلاثة أشهر اعتباراً من تاريخ الطلب إذا لم يراجع بشأنها أي من الطرفين.. بالعودة إلى المادة 87 نلاحظ بأن القانون أعطى الزوج الحق بأن يوكل غيره بالتطليق وأن يفوض المرأة بتطليق نفسها ... قبل كل شيء يجب أن نميز بين الوكالة والتفويض فالوكالة حسب نص المواد(665-667-668)من القانون المدني هي عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل والوكالة العامة لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة ولابد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة. فالوكالة للغير بالتطليق يجب أن تكون وكالة خاصة وهي تعبير عن إرادة الزوج في حدود ما رسمه له أي أن الوكيل يعمل برأي الزوج .. أما التفويض فالمفوض إليه يعبر عن إرادته هو فإذا نقل الزوج هذا الحق إلى زوجته بتطليق نفسها فهي بذلك تستطيع أن تطلق نفسها متى شاءت. ولكن لابد هنا من التساؤل: هل الطلاق يقع في التفويض رجعياً أم بائناً؟ وما الغاية من التفويض؟ حسب نص المادة 94 من قانون الأحوال الشخصية:" كل طلاق يقع رجعياً إلا المكمل للثلاث والطلاق قبل الدخول والطلاق على بدل وما نص على كونه بائناً في هذا القانون" وجميع الاجتهادات الصادرة عن محكمة النقض تدل دلالة واضحة إلى أن تطليق المرأة لنفسها يعتبر طلاقاً رجعياً. نذكر على سبيل المثال: ـ لئن كان من حق الزوج أن يفوض زوجته بأن تطلق نفسها متى شاءت ويكون من حقها في تلك الحالة إيقاع الطلاق يعتبر بعد الدخول الشرعي طلاقاً رجعياً يملك الزوج بعده أن يرجع زوجته إلى عصمته خلال العدة ويكون الشرط قد انحل والتفويض قد انتهى أثره إذا أن أداة الشرط ( متى ) لا تقضي تكرار الفعل وإن كانت تعمم الزمان(ع1ص24 عا 1978 مع قا) وحيث أنه اعتبر طلاق المرأة لنفسها رجعياً رغم أن النص لم يحدد ذلك ..!!. فإذا فوض الرجل زوجته بتطليق نفسها أو اشترطت هي أن تكون العصمة بيدها فهذا لا يكون إلا لأمر واحد وهو أن تملك حق مفارقة زوجها نهائياً وقت تشاء. وبما أن هذا الحق الذي اعتبر معطى للمرأة بموجب النص فهو حق مسلوب سلفاً لأن الزوج يستطيع مراجعة زوجته في العدة. وإذا قلنا أن الغاية من المراجعة هو تمكين الزوجين من تصحيح الأخطاء ومعاودة الحياة الزوجية لأنهما ليسا ملائكة وإنما بشر تتحكم بهم أشياء كثيرة كالعواطف والميول والغضب التي تدفع بهما أو بأحداهما إلى مواقع الخطأ فأعطت الشريعة فرصة لهما لمراجعة حساباتهما وتصرفاتهما ولتصحيح ما أمكن ومعاودة الحياة المشتركة، وهذا الحق ممنوح لهما ما دامت مدة العدة لم تنفذ. والغاية من النص متحققة سواء طلق الزوج زوجته أو فوضها بتطليق نفسها طالما أن الطلاق بالعدد مرتين يحق للزوج مراجعة زوجته بالعدة أما المرة الثالثة فلابد من أن تتزوج الزوجة من رجل غيره بعقد صحيح لا شبهة فيه للتريث في إيقاع مثل هذا الطلاق فلماذا تم وضع النص أصلاً ؟ فهو لم يحقق الغاية المرجوة منه بل على العكس فإن التفويض يؤدي إلى إنقاص عدد الطلقات وحسب. أما بالنسبة للمادة الجديدة رقم 11 من القانون 34 لعام 1975 والمعدل لقانون الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 1953 والمضافة برقم (88) فإننا نورد الملاحظات التالية: إن الزوج والزوجة حين يتقدمان بمعاملة طلاق أو بمعاملة مخالعة إلى فضيلة القاضي الشرعي فهذا يعني وصولهما إلى طريق مسدود نهايته اللجوء إلى المحاكم. لذلك فإنني لا أرى ضرورة في تأجيل هذه المعاملة شهراً ليس رغبة منا في تسهيل إجراء معاملة الطلاق أو المخالعة لا سمح الله كما قد يتبادر لذهن البعض حين القراءة الأولى، وإنما إعمالاً للنص القانوني نفسه وللبعد عن دائرة الدخول فيما حرمه الله عز وجل علينا لأنه لا يحق لنا التعدي على حدود الله طالما النص القرآني جاء واضحاً هذا من جهة. ومن جهة أخرى حرصاً منا على الحفاظ على تلك الخصوصية التي تتمتع بها الأسرة وحمايتها من أن تكون عرضة للنشر في ردهات المحاكم وألسنة المتسائلين التي تكتظ بهم أروقة القصر العدلي ولإعمال هذا النص لابد من إضافة عبارة:
لأنه في حال كان الطلاق واقعاً فتثبيته واجباً لأنه من النظام العام ويتعلق به حق الله وفي حال أجلنا المعاملة شهراً أي فرضنا عودة الزوجين لبعضهما وهنا ندخل في دائرة الحلال والحرام التي أشرت إليها سابقاً، ولكي لا نعرض أنفسنا لذلك فإننا نعلم بأنه في حال الطلاق الرجعي فإن الزوج يستطيع أن يعيد زوجته إلى عصمته وبدون موافقتها قولاً أو فعلاً ما دام ذلك أثناء العدة . وإن محكمة النقض مشكورة أغنتنا بالعديد من الاجتهادات حول هذا الموضوع نذكر منها على سبيل المثال: ـ الطلاق يتعلق به حق الله عز وجل ومتى وقع وجب تثبيته ولو من دون طلب وهو يثبت بالتصادق عليه من قبل الزوجين كما يثبت استناده إلى الزمن السابق بعد الإخبار به ويثبت باليمين الحاسمة (ع6 قا 408ص 690). - قضايا الطلاق من النظام العام ويجب على القاضي تثبيته ولو من دون طلب. (ع 12 قا 68 ص 1408 م 1981). أما بالنسبة للمخالعة فهي عقد رضائي يتم بإرادة الطرفين وبتبادل ألفاظ المخالعة على بدل معين وفي مجلس واحد فسواء وجد صك مخالعة أم لا فإن القاضي ملزم بتثبيت المخالعة طالما أصر الطرفان على وقوعها وفي هذه الحالة لا يجوز للزوج إعادة زوجته ولو ضمن فترة العدة إلا بعقد زواج جديد. فالقاضي إذاً ملزم بكلتا الحالتين بتثبيت الطلاق والمخالعة في حال وقوعهما إضافة إلى أنه جرت العادة في المحاكم الشرعية بوضع هذه المعاملات في الديوان دون السعي للصلح بل على العكس فإن تلمس أسباب الخلاف بين الزوجين يتم عادة أمام فضيلة القاضي الشرعي وبشكل علني ضاربين بعرض الحائط تلك الخصوصية التي تتمتع بها العلاقة الزوجية. أما المادة 12 من القانون 34 لعام 1975 جاء فيها: تعدل الفقرة 1 من المادة 102 وتصبح كما يلي: 1 ـ إذا اشترط في المخالعة إعفاء الزوج من أجرة إرضاع الولد أو اشترط إمساك أمه له. أي أنه يتعين على المحكمة الرجوع إلى صك المخالعة لتحديد نفقة الولد وأجرة الحضانة فالعقد شريعة المتعاقدين. ومن الجدير بالذكر أن صك المخالعة يمكن أن يكون بعوض رمزي أو بعوض يعادل قيمة معجل المهر ومؤجله والأشياء الجهازية علماً بأنه في حال أبرأت الزوجة ذمة زوجها من كافة حقوقها المترتبة لها عليه بموجب عقد الزواج بدون تحديد فهذا لا يشمل الأشياء الجهازية لأنها تعتبر من الحقوق المدنية التي يجوز لها بعد إجراء صك المخالعة اللجوء إلى المحاكم المدنية والمطالبة بها.
الحضانة الأمومة مصدر لمجموعة من المشاعر والأحاسيس التي لا يمكن لقلم أن يحدد أبعادها ويسبر أغوارها، فهي تتجاوز كل الحدود وتنبع من كل الملكات والقدرات التي وهبها الله سبحانه وتعالى للمرأة، لتكون مثار اعتزاز بذاتها وحجر أساس لاستقرارها الاجتماعي والنفسي. والأم ليست التي تلد وحسب بل تلك التي تربي وترعى وتعد الأطفال نواة مجتمع سليم وحين ننظر إلى الأمومة كوظيفة خاصة بالمرأة فإننا نفقدها أبعادها الإنسانية الأخرى ونعيق الأدوارالمكلمة لشخصيتها مما يؤدي إلى إضعافها وترك آثار سلبية تنعكس على وانطلاقاً من الحفاظ على النوع البشري واستمراره لابد من وقفة تستحق الاهتمام بالأمومة التي هي صفة خاصة بالمرأة إلى جانب صفاتها الأخرى. وإذا كنا نرى بأن المرأة صانعة الحياة فمن حقها علينا أن نعطيها الأولوية في حق الحفاظ على أطفالها ورعايتهم لأنها وبقناعتي أرحب صدراً من الأب في التعامل مع الطفل وخاصة في مراحل عمره الأولى وهي فترة الحضانة التي هي مدار بحثنا في هذه الحلقة. والحضانة في الشريعة هي تربية الطفل الذي لا يستطيع الاستقلال بشؤون نفسه في سن معينة من قبل أحد محارمه طبعاً أمه الأولى ثم الأقرب فالأقرب. إن قانون الأحوال الشخصية السوري وتعديلاته لم يعرف الحضانة في مواده وتتبع النصوص التشريعية الخاصة بالحضانة نراها تعتني بشكل أو بآخر بالاحتضان أي تربية الطفل في مراحل عمره الأولى لعدم قدرته على القيام بذلك حتى بلوغه سن معينة حددها القانون بتسع سنوات للغلام وإحدى عشر سنة للفتاة بعد التعديل. وسنتناول في هذا البحث المواد المتعلقة بذلك والواردة في قانون الأحوال الشخصية رقم 34 لعام 1975 المعدل للقانون رقم 59 الصادر بعام 1953 وهي( 13-142-146-147-148)مادة تلو الأخرى قبل وبعد التعديل موضحين سلبياتها وإيجابيتها باحثين عن إيجاد حل للمشكلات التي تواجهنا الآن من حيث تطبيق هذه المواد وآثارهاعلى أطفالنا بعد أن أصبح ما كان يصلح بالأمس لا يمكن أن يواكب اليوم لتبدل نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية بشكل سريع واضعين نصب أعيننا كيفية التعامل مع أطفالنا من خلال احتياجاتهم وتطلعاتهم وليس من خلال ما يريد الأب أو الأم بغية التوصل إلى أطفال أصحاء خالين من الأمراض الاجتماعية والنفسية قادرين على التعايش ضمن مجتمع أفراده هم. والآن سنبدأ في هذه المواد حسب ترتيبها في القانون بعد وقبل التعديل: المادة (17 ) : تعدل المادة 139 وتصبح كما يلي: المادة 139-1:حق الحضانة للأم فلأمها وإن علت فلأم الأب وإن علت فللأخت 2 ـ لا يسقط حق الحاضنة بحضانة أولادها بسبب عملها إذا كانت تؤمن رعايتهم والعناية بهم بطريقة مقبولة. 3 ـ للحاضن أما كانت أو جدة لأم أن تطلب من القاضي تسليمها الصغير وعلى القاضي أن يقرر هذا التسليم دون قضاء خصومة بعد التأكد من قرابتهما بوثيقة من أمانة السجل المدني ويقرر أيضاً للصغير نفقة مؤقتة على من يراه مكلفاً بها ويجري تنفيذ المختصة ولمن يعارض في التسليم أو في النفقة وجوباً أو مقداراً أن يتقدم إلى المحكمة المختصة بالادعاء بالتظلم من هذا القرار وتخضع الدعوى لإجراءات وطرق الطعن في الأحكام الشرعية ولا يؤثر رفع هذه الدعوى على تنفيذ القرار المذكور إلا حين حكم مبرم. النص قبل التعديل: هو نفس النص تقريباً مع فارق بسيط حيث تم إضافة العمات بالنسبة للنص المعدل بينما القديم كان الترتيب حتى الخالات فقط قبل انتقال حضانة الصغير أو الصغيرة التي هي حق للأم من محارمه النساء إلى محارمه من الرجال العصبات. أي أن النص المعدل راعى الأمور التالية: 1 ـ إعطاء الأم بالأولوية في حضانة أطفالها خلال هذه المرحلة من العمر لأنها الأقدر على رعايته وتربيته والعناية به وهذا لا يعني مطلقاً تفضيل الأم على الأب بل هناك حاجات للطفل تستطيع الأم بفعل طبيعتها وتكوينها أن تلبيها(كالإرضاع مثلاً) كما أن لديها القدرة على الاهتمام بالطفل أكثر من الرجل. 2 ـ المشرع راعى في الترتيب أن تكون الحضانة بعد الأم للنساء المحارم حسب تعداد المادة وأضاف العمات ولا تصير للرجال إلا عند فقدان ذلك مع مراعاة إذا كانت الأم أو من تليها في الترتيب تصلح لرعاية الطفل فقد تكون هي نفسها بحاجة لمن يرعاها. 3 ـ إن حق الأم بحضانة الطفل تبقى قائمة سواء كانت الزوجية قائمة أم لا طالما أن شروط الحاضنة متوافرة لديها وإلا انتقلت إلى من يليها. وإذا تساوت النساء بدرجة قرابتهن للطفل كوجود عدد من الشقيقات أو عدد من بنات الأخوة قدمت ذات القرابتين أي من تتصل بالطفل بالأم والأب، أما إذا تساوت النساء الحاضنات بالدرجة والقوة كعدد من الأخوات الشقيقات فالقاضي يختار منهن من الأقدر على تربية الطفل ورعايته. وهنا لابد من ذكر الشروط الواجب توافرها في الحاضنة:
6 ـ عدم الزواج بغير القريب المحرم، فإذا تزوجت الأم بأجنبي سقطت الحضانة ولم يعد من حقها الاحتفاظ بالطفل أما إذا زال المانع عاد الممنوع أي إذا طلقت من هذا الأجنبي فتستطيع إعادة طفلها إليها. 7ـ إن عمل المرأة ينظر إليه على ضوء مصلحة الطفل ولقد أعطى المشرع هذا الحق للأم على أساس قدرتها وأمانتها وتفرغها وعدم انشغالها عنه لأنها وحدها القادرة على إعطاء الحنان والعطف خاصة في مراحل عمره الأولى وحتى الرابعة من عمره. وانشغال الأم عن ولدها لفترة طويلة ولو كان هناك خادمة تعني بشؤونه تنتقل الحضانة إلى من يليها لأن المشرع اعتبر أن هذا التفضيل للأم حتى على الأب بني على أسس فهل الحاضنة أو المربية أو مدارس الحضانة تستطيع أن تكون بديلاً عن الأم؟ أما بعد السابعة من عمر الطفل يمكن للأم إذا كانت موظفة أن تنشغل عن ولدها لفترة معينة وذلك لأن عمل المرأة كان بادئ ذي بدء استثناء أما اليوم فنظرة المشرع اختلفت ففي السابق كان عمل المرأة خارج البيت يسقط حضانتها غيابها سبع ساعات عن البيت يسقط حضانتها وجود امرأة أخرى ترعى شؤون الولد عند غياب الحاضنة يسقط الحضانة أما اليوم وبعد التعديل.. لم تعد الحضانة تسقط بسبب عمل المرأة كما جاء في النص ما لم يتوفر الدليل على أن هذا العمل يحرم المحضون من حقه بالعناية. أي أن المشرع خفف التضييق على إسقاط الحضانة عن المرأة بسبب عملها أمام التطور الاجتماعي والدور المتزايد الأهمية للمرأة العاملة مما أسهم في انحصار النظرة التقليدية التي كانت تميل إلى إنكار حق المرأة في العمل ومشاركتها الرجل في مختلف نواحي الحياة. 8 ـ إن الأم والجدة لأم أعطاهما المشرع نفس الحق بالنسبة لتسليمها الصغير ويتم ذلك عن طريق تقديم استدعاء إلى القاضي الشرعي مرفقاً بوثيقة من أمانة السجل المدني تثبت القرابة ويقرر التسليم دون حاجة لإقامة دعوى.
المادة ( 18 ) تعدل المادة 142 وتصبح كما يلي: المادة 142 أجرة الحضانة على المكلف بنفقة الصغير وتقدر بحسب حال المكلف بها. النص قبل التعديل: أجرة الحضانة على المكلف بنفقة الصغير ولا تزيد عن نصف نفقته أي أن أجرة الحضانة أصبحت بعد التعديل تتبع حال المكلف بالنفقة يسراً أو عسراً والملاحظ أن في كلتا الحالتين لم يراع مصلحة الصغير خاصة أنه لم يحدد حدا أدنى أو أعلى لهذه النفقة وإنما تتبع حالة المكلف بهذه النفقة وقدرته على الإنفاق؟ المادة ( 19 ) تعدل المادة 146 وتصبح كما يلي: م146 1 ـ تنتهي مدة الحضانة بإكمال الغلام السابعة من عمره والبنت التاسعة. 2 ـ إذا ثبت أن الولي ولو أباً غير مأمون على الصغير أو الصغيرة يسلمان إلى من يليه في الولاية أي أن القانون المعدل رفع مدة الحضانة سنتين بالنسبة للغلام والبنت دون أن نعلم ما هي الأسس المعتمدة من قبل المشرع لهذه الزيادة وما هي مصلحة الصغير أو الصغيرة في ذلك وهل هي كافية لانتزاعه من حضن أمه وكأننا نتعامل مع أرقام نجري عليها عمليات حسابية بغض النظر عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتبدلة يوماً بعد يوم. المادة (20 ) تعدل المادة 147 وتصبح كما يلي: م147ـ 1 : إذا كان الولي غير الأب فللقاضي وضع الولد ذكراً أو أنثى عند الأصلح من الأم أو الولي أو من يقوم مقامهما حتى تتزوج البنت أو تبلغ أو يبلغ الصبي سن الرشد. 2ـ وفي حال ضم الولد إلى الأم أو من يقوم مقامها تلزم بالنفقة ما دامت قادرة على ذلك. 3 ـ إذا ثبت أن الولي ولو كان أبا غير مأمون على الصغير أو الصغيرة يسلمان إلى من يليه في الولاية وذلك دون إخلال بحكم الفقرة الأولى من هذه المادة. النص قبل التعديل : للقاضي أن يأذن بحضانة النساء للصغير إلى تمام تسع سنين والصغيرة إلى إحدى عشرة سنة إن هذا النص يبحث الفترة التي تأتي بعد انتهاء سن الحضانة وبالتالي ينتقل الطفل إلى وليه ليقوم بتربيته وتعليمه وحفظه وصيانته. أما إذا كان الأب غير الولي أي في حال وفاة الأب أو غيابه غيبة منقطعة أو سجنه سجنا طويلاً بحيث يكون وجوده كالعدم من حيث التربية والرعاية للولد وانتقلت الولاية إلى من يليه كالجد العصبي أو الأخ أو العم .. فيحق للأم مخاصمة هذا الولي ووفقاً للنص الجديد فالقاضي هو الذي يقرر بناء على طلب صاحب المصلحة أين يضع الطفل ذكراً أم أنثى وبحسب من هو الأصلح للولد الأم أو الولي أو من يقوم مقامهما من حاضنات وأقارب فالقاضي يتحرى عن الأصلح. أما إذا كان الولي هو الأب فيبقى لديه ولو كانت الأم هي الأصلح. كما أن المشرع فرض على الأم الإنفاق على الطفل في حال انتهاء مدة حضانته وانتقاله إليها إذا كانت قادرة على الإنفاق وإلا فتجب النفقة على من تجب عليه أصلاً المادة (21 ) تعدل المادة 148 وتصبح كما يلي: 1 ـ للأم الحاضنة أن تسافر بولدها أثناء الزوجية إلا بإذن أبيه. 2 ـ للأم الحاضنة أن تسافر بالمحضون بعد انقضاء عدتها دون إذن الولي إلى بلدتها التي جرى فيها عقد نكاحها. 3 ـ ولها أن تسافر به داخل القطر إلى البلدة التي تقيم فيها أو إلى البلدة التي تعمل فيها لدى أي جهة من الجهات العامة شريطة أن يكون أحد أقاربها المحارم مقيما في تلك البلدة. 4 ـ تملك الجدة لأم نفس الحق المعطى بالفقرتين 2 و 3 السابقتين. 5 ـ لكل من الأبوين رؤية أولاده الموجودين لدى الأخر دوريا في مكان وجود المحضون وعند المعارضة في ذلك فللقاضي أن يأمر بتأمين هذا الحق وتعيين طريقة تنفيذه فوراً دون حاجة إلى حكم من محاكم الأساس وعلى من يعارض في الإرادة في طريقتها أن يراجع المحكمة وتطبق على من يخالف أمر القاضي أحكام المادة 284 من قانون العقوبات. النص قبل التعديل : 1 ـ ليس للأم أن تسافر بولدها أثناء الزوجية إلا بإذن أبيه. 2 ـ لها أن تسافر به بعد انقضاء العدة دون إذن الأب إلى بلدتها التي جرى فيها عقد نكاحها أي أن النص بعد التعديل سمح للأم وللجدة لأم السفر بالمحضون ولكن ضمن شروط ضيقة ومعقدة جداً ولا تتناسب مع ما وصلنا إليه في عصر تحرر المرأة. كما أنه سمح للأبوين رؤية المحضون دورياً عن طريق الإرادة ومن يخالف أوامر القاضي بتسليم الصغير لتنفيذ الإراءة تطبق بحقه أحكام المادة 482 عقوبات والتي تنص على ما يلي: ـ " الأب والأم وكل شخص آخر لا يمتثل أمر القاضي فيرفض أو يؤخر إحضار قاصر لم يتم الثامنة عشر من عمره يعاقب بالحبس من ثلاث أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مائة ليرة " وإننا نلخص المواد المتعلقة بالسفر بالمحضون بما يلي: ليس للأم أن تسافر بولدها أثناء الزوجية إلا بإذن أبيه فإذا سافرت سقطت حضانتها وانتزع منها المحضون وسلم لأبيه بحكم القاضي ولها إثبات الإذن بكافة وسائل الإثبات والمقصود هنا بالسفر(السفر من مكان إقامتها إلى مكان لا يمكن أن تعود إلى موطنها ليلاً) طبعاً هذا تماشياً مع أن الزوجة لا تخرج من مسكنها إلا بإذن زوجها. أما في حال انفصام عرى الزوجية وبعد انقضاء العدة فللأم أن تسافر بطلفها دون إذن أبيه إلى غير موطن الأب بتوافر شرطين: 1 ـ أن يكون السفر إلى بلدتها الأصلية . 2 ـ أن يكون عقد النكاح (الزواج) جرى في تلك البلدة. فإذا تخلف أحد الشرطين سقطت حضانتها ما لم تثبت الإذن هذا في حال وجود مكان إقامة معروف للأب أما إذا لم يكن للأب مكان إقامة معروف فلها أن تسافر بأولادها لاستحالة حصولها على إذن قبل السفر في هذه الحالة. ـ وبالتعديل أجاز المشرع استثناءلا يجوز التوسع فيه للحاضنة الأم بعد انتهاء عدتها حيث سمح لها بالسفر بالمحضون داخل القطر إلى البلدة التي تقيم فيها أو تعمل فيها لدى جهة عامة شريطة إقامة أحد أقاربها المحارم فيها. ـ كما أعطى التعديل الجدة لأم نفس الحق المعطى للأم بالنسبة للسفر. ـ لم يعد هناك حاجة لإقامة دعوى لتأمين الإراءة أي مشاهدة الطفل من قبل والديه بل يكفي تقديم استدعاء ليقرر ذلك ويكون عادة مرة كل أسبوع أو أكثر أو أقل حسب ما يرى القاضي من ظروف الأبوين على أن تكون في مكان وجود المحضون ويتم تنفيذ ذلك فوراً عن طريق (دائرة التنفيذ ـ مدرسة الولد ـ عند أحد الأقارب المشتركين ـ مكان خاص مهيأ لذلك). كما أن للقاضي حق إرسال المحضون إلى دار أبيه أو أمه ليلة في الأسبوع حتى لا يشعر بالتمزق من فراق أبويه ومن يعترض على قرار التسليم يراجع المحكمة الشرعية وفي حال مخالفة القرار بالتسليم فيحال إلى المحكمة الجزائية وتطبق العقوبة الواردة في المادة 482 عقوبات وذلك لمنع إساءة استعمال هذا الحق بالإرادة فهو حق لكل من الأبوين ولا يجوز لأحدهما رفضه أو عدم تنفيذه. وبعد أن أنهيت عرض هذه المواد التي عمدت إلى عدم إيراد أية ملاحظة إلا ما جاءت بشكل طبيعي لإكمال ما بدأت وإنما أوردت فقط اتجاه المشرع قبل وبعد التعديل ونظرته إلى هذه المواد وكيفية التعامل معها. فلابد لنا من أن نرى بوضوح هذه المواد خاصة وأنها تتعامل مع الطفل في مراحل عمره الأولى وهو ما زال طوع يدينا نحافظ عليه فيحافظ علينا لذلك فإنني أرى : إن المعيار الأساس الذي يفي موضوع بحثنا هو البحث عن مصلحة الطفل المحضون والتعامل مع المواد الخاصة به في قانون الأحوال الشخصية. فالطفل عالم خاص قائم بذاته له مدلولاته وأحاسيسه وتعابيره وهو مجهول بالنسبة للكثيرين منا وحتى المختصين. فالموضوع ليس عبارة عن مسألة حسابية بين طرفين هما من ؟ هما والدا هذا الطفل لنبدأ بالقول هذا حق للأم وهذا حق للأب دون تقدير لوضع الطفل وبمنأى عنه وعن معاناته ومشاعره وما يريد هو متناسين أنه إنسان المستقبل وأننا إذا لم نعنى بالقوانين التي تحافظ عليه وترعاه وتربيه التربية الصحية والصالحة فإننا ندمره نفسياً ويصبح غير مؤهل اجتماعياً وهذا بدوره يضعف تماسك المجتمع ويزعزع بناه التحتية التي هي أساس بنيانه. الحياة اختلفت في شتى مجالاتها والنظرة إليها اختلفت بدورها فالمفاهيم تغيرت وما كان يصلح في زمن ماض لم يعد يتماشى مع احتياجات اليوم وهذا نتاج طبيعي وفرز لعجلة التطور السريعة والمتزايدة يوماً بعد يوم. أساس العلاقات الاجتماعية وأولها آدم وحواء أي رجل وإمرأة تزوجوا، أنجبوا، استمروا، أواختلفوا الخلاف شيء طبيعي لكن الاستمرار فيه هو الأسوأ فالطلاق في العديد من الحالات يكون الحل الأفضل للحفاظ على الخلية الأسروية من التشتت والضياع. هذا طبعاً في حال لدينا أزواج أصحاء فالطفل لا ذنب له والخلافات المتراكمة بين والديه تتحول أحياناً إلى عدائية مطلقة حيث يحاول كل طرف تلبية لرغباته الشخصية ونزعاته النفسية أن يأخذ الطفل للعيش معه ليس حباً فيه وحرصاً على مصلحته بل كيداً وتعنتاً بالطرف الآخر. وبرأيي أن الطفل الرضيع وغريزة الأمومة الموجودة لديه تمنع كائناً من كان من انتزاعه من حضن أمه وخاصة في مراحل عمره الأولى وحتى الخمس سنوات لأن هذا يحرمه من الحنان والعطف الذي لا يمكن لأي شخص مهما كان أن يحل مكان الأم فيا حبذا لو بقى هذا الطفل في هذه المرحلة في المكان الذي يجب أن يبقى فيه بعيداً عن تلك القوانين الجائرة بحقه والتي تحرمه من حضن أمه لأسباب لا ترقى إلى انتزاعه ليعيش بعيداً عنها. إضافة إلى أن الطفل حين ينتقل للعيش لدى أي من الطرفين الأب أو الأم فإن يلقن كلمات ضدهما لا يفهم معناها ولكنها تؤثر على نفسيته وتولد لديه الإحساس بالبعد والغربة عن أحد والديه دون دراية منه لماهية هذه الكلمات وسواء كانت معروفة أو مجهولة لديه فهو لا يستطيع حتى أن يقرر الخطأ من ومهما كان الخطأ فلا يجوز لأن نسمع هذا الطفل ما نشاء لأنه في النهاية وأولاً وآخراً ينتمي لوالديه. لذلك لابد من إبقاء الطفل في حضانة أمه حتى الخمس سنوات على الأقل دون أن تخضع لأي سبب من أسباب الإسقاط لأنه في هذا العمر غير قادر على التمييز والإدراك وذلك حرصاً منا على مصلحته وعدم حرمانه من الحنان الذي لا ندمره نفسياً واجتماعياً بوجود صور تشويهية في ذاكرته لأحد والديه. يا حبذا لويتم تأسيس جمعيات لحماية الطفولة ولإرشاد الأهل في حال حدوث الخلاف وقبل وقوع الطلاق لبيان كيفية التعامل مع هذا الطفل من قبل أساتذة مختصين بتلك العلوم النفسية والاجتماعية. وكما لاحظنا إن مرحلة الحضانة مرحلة دقيقة وحساسة ومؤثرة جداً بالنسبة للطفل وخلال هذه المرحلة وقبل وقوع الطلاق بين الطرفين أو خلال إقامة دعوى التفريق أمام القضاء حين الخلاف فالضربية الحقيقية يتم دفعها من قبل الأم والطفل. فالأولاد غالباً في هذه الفترة يبقون مع الأم مع عدم وجود نفقة لهم في ظل القانون الحالي وغالباً يكون ليس لديها سكن فإنها تضطر للسكن في بيت ذويها وناهيك إذا كان الأهل لا يرغبون بأولادها ليس كرهاً بهم وإنما عناداً بوالدهم (زوج ابنتهم) أو حقيقة ليس بمقدروهم الإنفاق على ابنتهم وأولادها حتى صدور الحكم فما هو الحل؟ والوالد غالباً ينتظر الحكم بالتفريق أو انتهاء سن الحضانة ليسارع لضم أولاده إليه لإثبات أنه الأقوى، أين الطفل من هذا كله وما هي مصلحته وكيف نحافظ عليه؟؟؟ في مثل هذه الحالات غالباً ما تؤدي إلى تشرد الأولاد وهذا التفكك الأسروي يفسر لنا ظاهرة التسول والسرقة لدى الأطفال والأسباب النفسية والاجتماعية التي أدت إليها. القانون وبكل أسى وحزن ومن خلال الموادالتي استعرضناها والمتعلقة بحضانة الطفل فإننا نرى أن مواده جامدة وكأنه يفصل في موضوع يتعلق بتراع على ملكية شيء دون النظر للطفل المحضون أوالأم الحاضنة. فسن الحضانة المحدد وفقاً للقانون المعدل لا يتماشى البتة مع ما وصلنا إليه من تطور وازدهار في ميادين الحياة فمثلاً: الصبي حين يتجاوز سن الحضانة يذهب للعيش في كنف والده، سابقاً كان الناس يسكنون في مناطق قريبة من بعضهم البعض وغالباً في قرية واحدة أو مدينة واحدة فحتى في حال الانفصال يستطيع هذا الطفل التواصل مع بيئته ومجتمعه المحيط به من أهل وأصدقاء وأقارب أما اليوم فالتباعد أضحى كبيراً وهذا الصبي قد ينتقل للعيش في مدينة بعيدة جداً عن المكان الذي كان يسكن فيه مع والدته وهنا لابد من ملاحظة تغير البيئة والمدرسة والأصدقاء والمناخ الاجتماعي بشكل عام الذي كان محيطاً به إضافة إلى أن هذا الطفل تم إبعاده عن أخواته البنات لأنهن لن يلحقن به إلا بعد سنتين. فإين مصلحة الطفل في هذا ؟ إن الثمن الأكبر المدفوع كما نلاحظ هو من نصيب هذا الطفل الذي نحن نسعى أساساً لوضع تلك القوانين لحمايته لذلك لابد أن تكون هذه القوانين أكثر مرونة وأن تتبدل وتتغير مع التطور الذي بلغناه اليوم. أما بالنسبة لزواج الحاضنة بغير قريب محرم يسقط حضانتها فهذه المادة برأيي جائرة جداً بحق الأم التي قد تضطر للزواج لأسباب اقتصادية أو اجتماعية والولد في هذه المرحلة ليس له قدرة على التمييز فكيف نبعده وهو رضيع عن أمه لينتقل حق الحضانة إلى من يليها في الترتيب؟ وهل يعقل أن لا يتكيف هذا الرجل الغريب كما اعتبره المشرع مع الطفل الرضيع بينما الطفل الذي تحركه غريزته نحمله مسؤولية التكيف مع من تلي أمه بالترتيب بالحضانة ليعيش في كنفها؟ إضافة إلى أن الولي الأب أي بعد انتهاء سن الحضانة وانتقال الطفل للعيش مع والده ولو كان متزوجاً بإمرأة غريبة فهذا لا يؤثر في ولاية الأب من شيء وتبقى له ومن حقه. إن سفر الحاضنة يسقط حضانتها إذا لم تتوافر الشروط التي ذكرناها آنفاً واليوم في عصر السرعة والتكنولوجيا الحديثة نستطيع الوصول من قارة خلال ساعات بالطائرة كما أن الاتفاقيات القضائية بين العديد من الدول تسهل إمكانية رؤية الأطفال فالمهم أن يبقى بإمكان الوالدين رؤية أطفالهم للمحافظة على التواصل والأمن النفسي للطفل. إن موضوع الإراءة موضوع يستحق الاهتمام والوقوف عنده كثيراً لما يتركه من آثار سلبية على الأطفال حتى أن بعض الأهل يستغنون عن رؤية أولادهم رغم القهر الذين يعانون منه بسبب ذلك حفاظاً على سلامتهم. لأن تنفيذ الإراءة أي مشاهدة الطفل لأحد والديه يكون عادة في دواوين المحاكم الشرعية وأروقة القصر العدلي وردهات المحاكم ودوائر الشرطة وفي هذا تشويه اجتماعي وحقيقي للطفل الذي يشعر بالغربة والخوف وعدم الطمأنينة لديه ويترك أثره في نفسه تجاه أحد والديه (الأم أو الأب). لذلك لابد من وضع قوانين خاصة واضحة وصريحة تنظم وتحدد كيفية الإراءة في أماكن خاصة مؤهلة بما يتناسب واحتياجات الطفل النفسية والاجتماعية وبجو من المحبة لعدم هدم نفسيته المستقبلية وحرصاً على أن يكون سليماً اجتماعياً. ويا حبذا لو جاء النص على مبيت الطفل في منزل والديه وبشكل دوري ليستمر تواصله مع الطرفين وحتى لا يشعر بالانعزال عن طرف دون الآخر ولتخفيف الآثار السلبية المنعكسة عليه من بقائه بعيداً عن جو العائلة التي فيها مشاعر الدفء والحنان والتي لا يمكن لمكان في العالم مهما بلغ جماله أن يعوض الطفل عنه. إن العصر تغير والنساء تغيرن وعمل المرأة سابقاً كان استثناء أما اليوم فالتطور العلمي والاجتماعي جعلها جنباً إلى جنب مع الرجل تشاركه أعباءه وهمومه اليومية في كافة مجالات الحياة ورغم ذلك مازلنا بحاجة لمزيد من العمل الدؤوب لتحديث القوانين وتطويرها بما يتلاءم مع واقع اليوم. ولابد لنا من التذكير بأن المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع شرقي ذكوري والرجل هو الذي يضع القوانين ويحدد الحقوق والواجبات فالمشرع رجل ولا يمكن لأي رجل مهما بلغ أن يدرك أحاسيس المرأة واحتياجاتها لأنها مختلفة عن احتياجاته فالله عز وجل خلقنا زوجين رجلاً وإمرأة ولم يتم ذوبان شخصيتها حيث أشار القرآن الكريم في معظم آياته إليها كالصادقين والصادقات والمؤمنين والمؤمنات. وطالما أن المرأة موجودة في كل مكان في المجتمع(هندسة، محاماة، قضاء، طب ...الخ) وفي مراكز السلطة وفاعلة من المجتمع فيجب أن يكون لها رأيها ومشاركتها لذلك فإنني اقترح حين صياغة القانون وخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة وواجباتها سواء على مستوى التشريع أو أي مستوى آخر مع الحرص على ما جاء في القرآن الكريم وعدم الابتعاد عن نصوصه أن تشارك المرأة في وضع هذه القوانين ( زواج ـ طلاق ـ نفقة ـ إرث ) وكافة القوانين العامة الأخرى حتى على الأقل حيث تقوم هي بتحديد مصيرها جنباً إلى جنب مع الرجل. وقبل هذا فإننا مازلنا نفتقر إلى قانون يحمي الطفولة رغم أن لدينا قانون لحماية الطفل الجانح (قانون الأحداث)،ومن باب أولى أن نحمي الطفل الطبيعي من تلك المتاهات التي تحدثنا عن بعضها قدر ما أمكن بدلاً من أن ننتظر حتى يصبح جانحاً لندخله معاهد الإصلاح. وفي الحقيقة من الطبيعي أن تتغير هذه القوانين وتتبدل باستمرار لتعلقها بتنظيم حقوق الأسرة هذه الأسرة التي تتغير شؤونها وفقاً لتغير المجتمع الذي تنتمي إليه لذلك لابد من أن نلحق بمواكبة هذا العصر بما فيه من تطور تمليه عليه ضمائرنا للرقي بمجتمعنا إلى |
|