مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية لقاءات ومؤتمرات 

د. نبيل طعمة ضيف موقع ريبلد سيريا التشيكي

الأحد, 19 شباط, 2023


هذي يسود فيه التوحش وظلم الإنسان لأخيه الإنسان وجدنا بأن من المناسب التذكير بالإنسانية والمذاهب الاجتماعية التي اعتنقتها تاريخياً والذين تمت تسميتهم بـ(الإنسانيين) ومذهبهم الانسانوية
والإنسانيين أو الإنسانويين موجودون في كل مجتمع على هذا الكوكب بغض النظر عن دينهم وعرقهم , فهم يدعون للمحبة وخير الإنسان و يناهضون العنف والظلم كائناً من قام به وعلى من وقع.
فالإنسانية(الانسانوية)هي مرتبة يصل إليها بعض البشر - أي أنها مجموعة من وجهات النظر الفلسفية والأخلاقية التي تركز على قيمة وكفاءة الإنسان، سواء كان فردًا أو جماعة، وتفضل عمومًا التفكير والاستدلال (العقلانية، التجريبية) على المذاهب أو العقائد الثابتة أو المنزلة (الإيمانية).
وقبل أن يرتبط المصطلح بالعلمانية، استخدمه المؤرخ الألماني والعالم اللغوي جورج فويت عام 1856 لوصف الحركة التي ازدهرت لإحياء التعلم الكلاسيكي خلال النهضة الإيطالية، وقد لاقى هذا التعريف قبولاً واسعاً.
واتفق المؤرخون على أن المصطلح يسبق التعريفات التي ظهرت لوصفه، والتي تشمل معانٍ عدة، أهمها( إظهار الاحترام والإحسان تجاه رفقائنا من البشر، وتقدير قيمة التعلُّم البشريّ) , والإنسانيون يريدون كل الناس ناجحين وسعيدين في حياتهم ومحققين لذواتهم.
و في الفكر الإنساني القرار أو الاختيار السليم هو القرار الذي يجعل حياة الناس أفضل، وعندما تحدث مشكلة سواء على المستوى الفردي أو الجماعي , يصبح مهماً جداً أن نحلها عن طريق استخدام العلم والمنطق.
 تنوع معاني مصطلح الإنسانية جعله غامضاً، فقد كان هناك التباس مستمر باستخدام هذا المصطلح لأن حركات فكرية مختلفة كانت قد عرفت نفسها باستخدامه عبر الزمن.
للمزيد من المعلومات حول هذه المسألة توجهنا إلى مكتب الدكتورالمفكر والباحث السوري نبيل طعمة في دمشق والذي استقبلنا بالحفاوة والتكريم.
 و للتعريف بضيفنا فإن الدكتور نبيل طعمة يحمل درجة الدكتوراة في العلوم الانسانية بالإضافة إلى دكتوراة أخرى في الهندسة, كما أنه برلماني سوري , ووجه ثقافي بارز في الساحة الثقافية السورية و العربية و العالمية و هو يتقن عدداً من اللغات العالمية و لديه مشروع ثقافي كبير يعمل عليه و قد أصدر حتى الآن عشرون جزءاً من مشروعه الثقافي بعنوان ( فلسفة التكوين الفكري ) بالإضافة إلى مؤلفات علمية و سياسية و أدبية وأستطيع القول إنه فناناً و شاعراً  له عدد من الدواوين الشعرية و غنى له كبار المطربين السوريين و العرب , و غير ذلك الكثير من جوانب حياة الدكتور نبيل طعمة الغنية و المتشعبة , فكان لنا معه الحوار التالي :  
السؤال الأول: الدكتور نبيل طعمة بداية نشكركم على حفاوة الاستقبال وننقل لكم تحيات إدارة وسيلتنا الإعلامية التشيكية وننتقل معكم مباشرة للحديث عن العنوان الذي نحمله إليكم وهو (الإنسانية) للإضاءة على هذا المفهوم وأهميته اليوم في واقعنا الحاضر سورياً وعالمياً لو تكرمتم.
الجواب: بداية نرحب بكم، وأشكركم للانتقال دائماً للأمام في رحلة بحث 
مهمة نرجو من خلالها أن نفيد الآخر أياً كان مذهبه أو مشربه وأياً كان انتماؤه، فالغاية هي الارتقاء بإنسانية الإنسان كونكم اخترتم لهذه الحوارية هذا العنوان وهو الإنسانية.
لاحظوا بأن الإنسانية هي كلمة أصبحت بحكم المفقود الآن ضمن الفكر البشري , فإذا عدنا إلى النشأة الأولى نجد أن الخلق الأول لهذا الشكل الذي يسمى إنسان كان شكلاً فوضوياً أي أنه في البداية لم يكن يعرف بأنه إنسان , و قد يتبادر لذهنكم ماذا يعني هذا الكلام ؟
 في البدء كان شيئاً , أي أنه لم يكن يعرف أنه إنسان , شيئا مخلوقاً متشابهاً مع باقي المخلوقات , يرى الشجرة و يرى الحيوان و النبات , ويرى الجمال , وهو موجود بالخليقة في الحالة التي تواجدت بها المخلوقات , و هنا في بحثي الفكري عرَّفت المراحل التي مر فيها التحول لظهور هذه الشخصية التي يطلق عليها الإنسان , فأسميت المرحلة الأولى (الشيئية) وأعني بالشيئية (هي من الشيء) , والشيء غير معرَّف، فإذا طلبت مني أن أحضر لك شيئاً، فذهبت وتفكرت ما هو الشيء الذي تطلبه؟
 فعدت إليك وقلت: حدد ما هو الشيء الذي تريده لأن الشيء هو حالة غير معرَّفة.
فبقي على هذه الحالة , إلى أن عرَّف نفسه و أطلق على نفسه إنسان , فمايز جنسه عن باقي الأجناس أي - مايز نفسه عن جنس الحيوان و جنس النبات و جنس الجماد -  أي أنه عرف أن لديه فكراً و عقلاً و بدأ يمايز بين الأشياء , ولاحظ و دقق في المخلوقات , فوجدها لا تمايز بين الأشياء, و فرز نفسه بعد أن عرف أيضاً  بأن المخلوقات الأخرى تعمل بالفكر الغريزي,  بينما هو يعمل بالفكر القيادي التأملي, فانتقل من الشيئية إلى الإنسانية , لأنه عرف و تعرَّف و عرَّف نفسه , فكان شيء فعرَّف نفسه أنه إنسان و عرّف النبات و الجماد , و هنا انتقل من الشيئية الغائية البهيمية إلى الإنسانية المعرفية , و بعد أن استوعب أن لديه قدرات فكرية  فاقت و تفوقت على محيطه فعرَّف نفسه بأنه إنسان العقل و الفهم و المنطق و إنسان المعرفة . 
ونعلم جميعاً بأن المعرفة هي سابقة على التخصص - لأن المعرفة هي حالة شمولية , وتطلق على الأشياء مسمياتها , أي (انتقل من الفوضوية أو ما يسمى المشاعية إلى المعرفة ), لأن الإنسانية هي حالة معرفية , وبالمعرفة بدأ يبني فكراً , وبدأ يبحث في أسرار موجوداته , ففكر كثيرا وتأمل عميقا ودخل إلى جوهر وجوده , فوجد بأنه لابد أن يكون له صانعاً أطلق عليه (الكلي– الله –الرب - الخالق – الأبدي – سمِّه أي شيء)
وعرف أنه أوجده لكي يُوجِد, وهذه نقطة هامة جداً أسس بها لكامل المفاهيم الروحية والعملية .
لو عدنا إلى الشيئية , هناك حالة فاليوم يطلق على الحركة الإنسانية بغض النظر عن النظريات التي ظهرت في الحداثة، مئة عام أو مئتا عام أو أكثر , تعني أن الإنسان وصل لمفهوم الحداثة فهي ليست آنية،لا، إنما هي انتقاله مما أطلق عليه الهمجية الأولى و المشاعية الأولى إلى المعرفية، ولم يدرك حتى الآن( الكثرة) من الذين تخصصوا في هذا البحث بأن هذا الإنسان الذي ظهر من الكهف أنه: 
هل وجد في الكهف؟
أم دخل إليه هربا من سلطة الطبيعة، هرباً من الوحوش أو هرباً من قوة الإنسان على بعضه؟
عرَّف الأشياء كلها بما فيه ذاته وفكره , وأخذ يبني في المعرفة، فكان أول بناء في الإنسانية يظهر في هذه العملية (فهِم ما يحتاجه من غذاء، من شراب ومن تسوير لمسكن، من علاقة مع الحيوان- أي هذا يُربَّى وهذا لا يُربَّى ، وهذا يؤكل وهذا لا يؤكل، هذا ضار وهذا نافع - وأطلق الأسماء على كل الأشياء )
متى  تحول إلى المادية – أي من المعرفة و التفكر إلى التملك وقتل بعضه و لماذا؟
في الأسطورة وفي المفاهيم الروحية هي قضية قداسة (قضية قابيل وهابيل) في الإسلام أو(هايين وقايين) في العهدين القديم والجديد، والكل أصبح ممتلك لفكرة قتل قابيل لأخيه هابيل وما أعطي من مواضيع وأحاديث حول هذه القضية, بأنه اشتهى زوجة أخيه أو أنه اشتهى قربان أخيه , وأنه تقدم إلى هذا الفعل فقتله، فبَشَر تعني (بدء شر – بدء شراهة – بدء جشع). 
هذه الفلسفة البشرية التي نعاني مخرجاتها الآن على كوكبنا الحالي , وهو لم يقم بذلك -و أنا هنا أخالف كثيراً من المفاهيم التي سادت في العقل البشري -  إنه قتله نتيجة طمعه بزوجة أخيه أو في قربانه-  و برأينا كان القتل صراعاً على خلافة( الأب أو الآب أو الله ) أولاً  , و صراع على القوة التي تريد أن تتخلص من الضعف , فـ(هايين) أو ( هابيل) إنساني , و قابيل ( قايين) يريد أن يتخلص من هذه الإنسانية لصالح امتلاك القوة المطلقة التي يتقدم من خلالها لحكم كل شيء , و هذا كلام حسّاس , و لكن عندما نتدارسه , نعلم ما يجري الآن , و أًسست من خلال هذه النظرية نظريات كثيرة ( الجنة و النار , المنطق و اللامنطق , فلسفات الحكم , بناء الحكم على القوى المادية) , و انطلقت الحياة . 
نحن الآن مررنا بمراحل البناء (الشيئية – الإنسانية – البشرية)
بعد كل هذا وما رافقها من ولادات للأديان وللروحانيات وللأفكار المادية وأمام هذا الجشع الهائل في الاعتداء (اعتداء الإنسان على الإنسان)، من يقتل إنسان هو إنسان، ومن يعتدي على إنسان هو إنسان , ومن يسرق إنسان هو إنسان.
 إذا لا علاقة للمكوِّن الكلي (الخالق) بهذه الأفعال البشرية (اللاإنسانية) ومعها شهدنا أن هناك ولادات وتأسيس أعياد(عيد الحب والفلاحة والصناعة ...)،أعياد , أي أن انتفاء كل الأشياء جعل منها –ولا أعني انتفاء (انتهاء) بل أعني انتفاء العملية الإنسانية فيها, لذلك أقروا لها يوماً في السنة .
واليوم نحن نشهد أن الجذر الإنساني واحد يعني قابيل (قاتل)بالعربية وأصعب حرف في العربية هو (القاف) يقابله (k) وهو أصعب حرف في الإنكليزية kill بينما الانسانية تتمسك بالبداية (beginning)  و البناء(building) . 
هناك مشتركات كثيرة ضمن آلية الفكر الإنساني التي يتم تجاوزها رغم الحديث (في الحداثة الآن) عن حقوق الإنسان! (ممن؟)
من الإنسان ذاته،لأن من يعتدي ومن يهدم ومن يقتل و من يقود هم البشر,  وكلّها أفعال بشرية وهي اعتداء كلي على (الإنسانية).
يتبع قريباً حول علاقة الانسانية بالفن و علاقة الاتساتية بالعلمانية و الانسانية في الحضارة السورية .


عدد المشاهدات: 2070

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى